الأحد, 28 سبتمبر 2014 14:19 |
بقلم الباحث / احمد يحي المبارك. انه لمن دواعي الإحباط واليأس أن يبقى قانونا سيئ السمعة والصيت يطبق وينفذ في رقاب الموريتانيين ويتعلق الأمر بقانون الإكراه البدني القديم قدم التاريخ حيث يعود إلى المادة الثالثة عشرة من قانون حمورابي الذي هو أول مادة قانونية مكتوبة في التاريخ الإنساني وقد تطورت القوانين البشرية عبر الزمان والمكان وأصبحت حلقة متروكة في مزبلة التاريخ لمنافاته لأبسط حقوق الإنسان فضلا عن مخالفته الشريعة الإسلامية ولنص صحيح صريح وهو قوله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة/ 280)، والغريب أن موريتانيا تدعي تطبيق الشريعة الإسلامية وتخالفها جهارا نهارا.
بالإضافة إلى تلكؤها ومخالفتها لالتزاماتها الدولية التي وقعت عليها ومن ضمنها مواثيق حقوق الإنسان الدولية التي تجرم وتحرم الإكراه البدني ، لكنه الجشع وحب الدنيا وخلو القلوب من الرحمة بأناس جار عليهم الزمن ولم يحالفهم الحظ فأفلسوا وخسرت تجارتهم وفشلت مشاريعهم ولم يجدوا من يمسك بأيديهم وينقذهم من عثرتهم ومن الوقوع في الهاوية والحفرة التي حفرها لهم المرابون وسماسرة مصاصي دماء الفقراء والمحتاجين فكبلوهم بفوائد ربويه وديون مضاعفة أثقلت كاهلهم وشروط جزائية مجشفة وضغوط شتى لا توصف من قبيل : وقعلي على شك حتى ولو كان بلا رصيد أو اكتبلي وثيقة على ما أطالبك به وزدها بمبلغ مضاعف اصبر عليك فترة أخرى ، بالإضافة إلى الإكراه النفسي والمادي السابق التهديد حتى ولو بالتصفية الجسدية والمحو من الوجود .
وكأن هؤلاء ما سمعوا بالآية السابقة في الدين ولا بوعيد الله بحربه لآكلي الربا ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ولا بقوله سبحانه : (وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) البقرة /237، ولا بقوله تعالى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران /63 ، ولم يسمعوا بما جاء في الصحيح بخبر الرجل الذي أمر عماله أن ييسروا على من كان معسرا عسى الله أن ييسر عليه فلما مات عفا الله عنه بسبب ذلك العمل .
والغريب أن هؤلاء الضعفاء العاثرون لا يجدون ملجأ يلجئون إليه حتى العدالة التي هي ملجأ الضعيف تقف ضده وتلقيه في غيا بات الجب ـ السجن فيوضع مع المجرمين وأصحاب السوابق من القتلة والسرقة وبائعي المخدرات والمجرمين بأصنافهم بدلا من حل الدولة لمشكلتهم وتحمل المسؤولية تجاههم كما قال صلى الله عليه وسلم : من ترك مالا فهو لورثته ومن ترك عيالا أو دينا فهو إلي وعلي أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، وكأن الدولة لا دور لها إلا دور الشرطي من إلقاء القبض والزج بهؤلاء الضعفاء في السجن وقد نسيت الدولة والمشرعون والقضاة وأعوان القضاء إن هؤلاء خلفوا ورائهم ذريتهم ضعفاء وأرامل وأهل وأقارب كانوا يعيلونهم وهم مصدر دخلهم الوحيد ، ماذا سيحصل للأولاد وقد حرموا حنان أبيهم ورعاية مربيهم فسيجوعون ويظمؤن ويبقوا بلا مأوى ......؟!
فيا ترى أي مسير ينتظرهم فستنقطع دراسة الأولاد وتتسرب البنات من المدرسة إلى الشارع.......؟ ويبقوا عالة على المجتمع وقد ينحرفون ويصبحون فريسة لعصابات الإجرام فيبيعوا المخدرات ويسرقون سدا لحاجتهم وقد تبيع البنات أعراضهن ويزداد الطين بله ونكون ( كحطاب الدشرة غلب راص زاد براص ) ونكون كالفار من الرمضاء إلى النار ونقع في حلقة مفرغة لا أول لها ولا آخر ودوران وتسلسل في المصائب والنكبات ، جنبا عن حق هذا المسكين الذي قيدت حريته وصودرت إرادته ووضع في ابغض البقاع إلى الله والناس .
ولغريب أن الحبل على الجرار وآخر حالة في هذا السياق وقعت آخر الأسبوع الماضي بأمر من نائب وكيل الجمهورية واليوم يبدأ إضراب أصحاب الإكراه البدني عن الطعام والعالم الحر والمجتمع المدني والرأي العام ينادي بإسقاط هذا القانون الجائر والدولة كما ذكرنا وقعت على المواثيق الدولية المجرمة والملغية لهذا القانون الجائر والرئيس وعد على الملأ بإلغائه وكأننا نسمع جعجعة ولم نر طحينا وكأن لا حياة لمن تنادي وكأن الجميع ينفخ في رماد .
وفي الختام ونظرا لكل ما تقدم نرجو من الدولة الموريتانية وعلى رأسها الرئيس محمد ولد عبد العزيز وهو رئيس المجلس الأعلى للقضاء أن ينظر بعين الرحمة إلى هؤلاء الناس الذين جار عليهم الزمن ولم يحالفهم الحظ وتعرضوا لما سبق ذكره من ضغوط من قبل المرابين ومصاصي دماء الضعفاء فيلغي هذا القانون الظالم الجائر وسيشكر الله سعيه ويذكره الناس والتاريخ .
|