سيدي الجنرال.. شكرا على الاختفاء
الثلاثاء, 07 أكتوبر 2014 13:57

 جاء تشرين واختفى الجنرال أو تخفي أو تخافى؛ ذهب للحج والحج في اللغة القصد،  والأعمال بالنيات  ولكل امرء ما نوى، امتثل فتوى الشيخ حمدا مع أن الأصل في  الفتوى أنها الإخبار بالحكم  لا على وجه الإلزام...

 لكن لما ذا كل هذا الإفراط في البحث عن السبب وراء اختفاء الجنرال، وهل ظهر الجنرال أصلا حتى يختفي، وأيهما أهم أو بالأحرى أقل ضررا ظهور الجنرال أم اختفاؤه، لماذا كل هذا الاهتمام بوضع الجنرال هل هو تعبير عن حالة نجومية استطاع الرجل أن يقطفها – لا تسألوني كيف ومتى وأين – فالجنرال له قدراته الخاصة على السطو وقد شرع له المجلس الدستوري ذلك مرتين  واعتبره من سيرته المظفرة التي استحق على أساسها رئاسة الفقراء والإسلام وصداقة الرصاص و حب الاختفاء في العشر الأوائل والأواسط من تشرين.

 نعم  لما ذا لا نترك الجنرال وشأنه ولما ذا نقحم على الناس قصة وضع الرئيس وهم يحتفون ويحتفلون بالعيد في ثاني أيامه بعد أن حرمتهم لجنة الأهلة الاحتفال بأول الأيام، هل ضمن البرنامح الحكومي للسيد يحي ولد حدأمين وحكومته الممتثلة لتعليمات الرئيس دائما وأبدا سرا وعلانية نطقا وصمتا التضحية عنا بالعيد بدل مساعدتنا في أضحية العيد، وهل للأمر علاقة بالسباق الخفي الذي يخوضه محمد الشيخ على قلب الرئيس أو قالبه (الفرق بين قلوب الجنرالات وقوالبهم ليست شديدة الوضوح تماما كما هو حال المتسابقين  حمدا ومحمد الشيخ).

 ألم يكن من الأولى اعتبار اختفاء الجنرال هدية العيد لجميع الموريتانيين جديرة بالشكر والتقدير فهي تزيح عنا كابوس سلطة تذكرنا بالبؤس وانعدام الخدمات وانقطاع الكهرباء وتكدس القمامة وضحالة التعليم ورداءة " الطبقات السياسية" وجشع أهل المال والأعمال، وتردى الأخلاق العامة في الفضاء العام.

  شكرا لك سيدي الجنرال حين اختفيت عنا أيام العيد فأرحتنا من أن نكون شهود زور على إنجازاتك التي لم ينجز منها إلا إعادة انتخابك لتفتك بنا لمأمورية جديدة.

 شكرا لك حين أرحت مسامعنا من مواعظك التي تأتي من مكبر الصوت المنصوب أمامك، أما الفم والحلقوم والقلب فجوارح فلها " مردود" أهم من شغلها بتقديم المواعظ لجموع المؤمنين بمأمورية الإنجاز.

 شكرا لك سيدي الجنرال حين اختفيت عنا فأتحت الفرصة لإمامنا الأكبر أن يستعيد بعض توازنه فيتحدث عن الإصلاح لو كنت هنا لكان الأمر مختلفا ولتزاحمت على فضيلته الرسائل الموجهة لكم فأرهق الناس تحت لفح الشمس وأخر أضحياتهم يوما ثانيا وبفضل غيابكم كانت الخطبة قاصدة بليغة وانصرف الناس مبكرين إلى بيوتهم ومواشيهم و"مشاويهم" كل هذا بفضل غيابكم سيدي الرئيس.

 شكرا لك سيدي الجنرال حين اختفيت عنا فانزاح وزراؤك بعيدا عنا في القرى والأرياف يتباهون بأنهم من خدمك وحشمك و لو كنت هنا لضجت بهم الشاشات والذبذبات، ولما وجدت قنواتنا وإذاعاتنا المحوكمة منها والمخوصصة فرصة لتمتع مشاهديها ومستميعها بمواد تناسب أجواء العيد، لوكنت هنا سيدي الجنرال لكانت الموجات مزدحمة بشرح معاني خطابكم في عيد الأضحى؛ دلالاته الشرعية والفقهية، أبعاده الاستراتيجية والفكرية، رسائله السياسية، وإشراقاته الثقافية، ولمحاته الإبداعية وانزياحاته الدلالية، و استشرافاته المستقبلية.

 صدقني أيها الجنرال اختفاؤك عنا في أيام العيد أفضل إنجاز في مأموريتك الأولى والثانية وفي  انتقاليتك الأولى والثالثة، وهو إنجاز يؤكد أنك من طينة مختلفة عن طين غيرك من الرؤساء والجنرالات ورؤساء الفقراء والإسلام والسينماء.

 إنه إنجاز يؤكد أنك قريب من نبضنا تستمع إليه بتقنيات استماع حديثة كان حسك الوطني الرفيع أوصلك إلى أن أهم ما تصرف فيه كلما تجبي منا أو لنا أو عنا هو في أجهزة وأدوات رصد مشاعرنا وتأوهاتنا.

  هاهي استراتيجية الرصد والتتبع التي أنفقت عليها المليارات تثمر هذا الإنجاز العظيم الذي ماكان له أن يتم لولا أنك تتابع كل شيئي يهمنا بالصوت والصورة فكاميراتك وعيونك وأقلامك منثورة في كل مكان بيننا حرصا على  رصد أي شعور غريب قد يفسد علينا أجواء البقاء في ظلال حكمكم المظفر ما حييتم وما بقي من نسلكم المصون من يمضى على خطاكم شبرا بشبر و ذراعا بذراع ورصاصا برصاص وصفقات بصفقات.

 أحمدو ولد الوديعة.

  سيدي الجنرال.. شكرا على الاختفاء

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox