رفقا بالرعية/ محمد يحظيه عبد العزيز |
الخميس, 23 أكتوبر 2014 11:34 |
بسم الله الرحمن الرحيم ما جعلت الخلافة في الإسلام ونصب الحكام وجعلت والولايات العامة إلا لإقامة الشرع وعبادة الله تعالى وحده لا شريك له ونشر العدل ورفع الظلم وغير ذلك من المقاصد الشرعية الحسنة قال تعالى : << وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني ولا يشركون بي شيئا >> وقال جل من قائل : << الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور >> وقال جل من قائل مخاطبا داود عليه السلام : << يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله >> وقال تعالى : << إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل >> وقال تعالى : << إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون >>. وجاء في الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم:< كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع ومسؤول عن رعيته ... > لذلك كان الإمام العادل من السبعة الذين يظلهم الله تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله فهو في منزلة عظيمة ودرجة رفيعة إن هو أقام العدل ورفع الظلم وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه < حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله ويؤدي الأمانة فإذا فعل ذلك فحق الرعية أن يسمعوا ويطيعوا > تفسيرالبغوي ص240 ج2 وقال أيضا : ( لابد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة قيل له هذه البرة عرفناها فما بال الفاجرة ؟ قال : يؤمن بها السبل وتقام بها الحدود ويجاهد بها العدة ويقسم بها الفيئ منهاج السنة 1/374 قال الماوردي : ( الإمامة خلافة عن النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به) الأحكام السلطانية ص5 وابن خلدون في المقدمة ص170 . وقال إمام الحرمين الجويني : (الإمامة رياسة تامة وزعامة عامة تتعلق بالخاصة والعامةفي مهمات الدين والدنيا مهمتها حفظ الحوزة ورعاية الرعية وإقامة الدعوة بالحجة والسيف وكف الحنف والحيف والانتصاف للمظلومين من الظالمين واستيفاء الحقوق من الممتنعين وإيفاؤها على المستحقين) الغياثي ص22 وقال النووي : ( لابد للأمة من إمام يقيم الدين وينصر السنة وينتصف للمظلومين ويستوفي الحقوق ويضعها مواضعها ) روضة الطالبين ص 10 -43 وقال الشوكاني ( والحاصل أن الغرض المقصود للشارع من تنصيب الأئمة هو أمران : أولهما وأهمهما إقامة منار الدين وتثبيت العباد على صراطه المستقيم ودفعهم عن مخالفته والوقوع في مناهيه طوعا وكرها. وثانيهما تدبير المسلمين في جلب مصالحهم ورفع المفاسد عنهم ) السيل الجرار ج3 / 332 وقال ابن تيمية ( فالمقصود الواجب بالولايات إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسرانا مبينا ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم ) مجموع الفتاوي 28/262 ونقل الحافظ بن حجر عن الطيبي في شرح حديث (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ... الحديث) أن الراعي ليس مطلوبا لذاته وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك فينبغي أن لا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه ) فتح الباري13/13 وهكذا يتبين مما سبق ما هو الهدف من الحكم في الخلافة لذا كان لزاما على الحاكم أن يتقي الله في ما استرعاه الله فيه ولا يحسبن ذلك مغنما بل هو مغرما ولا يحسبن ذلك تشريفا بل تكليفا ومسؤليات عظام تنوء بحملها الجبال فبلادنا عاشت عقودا من الظلم والجور والحيف ونهب الثروات وقد سئمنا وهرمنا ولم تعد الشعوب بعد الآن تقل ما جرى تلك الحقب المظلمة فالشعوب الآن واعية وتريد دينها وشريعة ربها ولن يقف دونها مانع يمنعها من ذلك هذه حقيقة وستكشف الأيام عن مدى هذه الحقيقة الناصعة كالشمس في رابعة النهار . إني أوجه هذه الكلمات لمن يحكم هذا الشعب الذي يرزح تحت وطأة الفقر والمرض والظلم وتدني غير مسبوق في القيم والأخلاق فلا يمر يوم إلا نسمع بجريمة تقل هنا وهناك أو خطف أو عملية سطو وبدم بارد . أهانت عليكم هذه الدماء المسفوكة ؟ أم هانت عليكم هذه الأعراض المنتهكة ؟ أم هانت عليكم هذه الأموال المسلوبة ؟ أم هانت عليكم هذه القيم والأخلاق المهدورة ؟ إلى أين نسير ؟ سؤال مشروع يسأله كل غيور على هذا البلد إنكم تنعمون بخيرات هذا الشعب وتتقاضون رواتبكم من أموال هذا الشعب فهل فعلا أنكم كنتم تستحقون تلك الرواتب ؟ فهل حافظتم على مسؤولياتكم المنوطة بكم وهي حفظ الأنفس والأعراض والأموال وقبل ذلك دين وقيم المجتمع إنها صرخة إنه نداء عاجل لتتداركوا الأمر قبل فوات الأوان لقد غاب مفهوم ومعنى الدولة منذ زمان والعجب ونحن نعيش هذه الدوامة والحلقة المفرغة نجد أحزابا هنا وهناك تتصارع على الكراسي والمناصب وتتقاسم كعكة مسمومة والناس تعيشم تعيش ربما يقول قائل أنت تذكر الإخفاقات ولا تذكر الإنجازات فأقول : إن الإنجازات أولا إذا أنجزت فلا حاجة لذكرها لأن الجميع سيراها وليس من رأى كمن سمع مع أنكل إنجاز وكل خدمة قدمت فهي من قبيل الواجب فعله ولا شكر على واجب ولا منة فيها لحاكم ولا محكوم لأنها من المال العام للشعب فالراعي الحاكم وظيفته حراسة الدين وسياسة الدنيا بالدين كما قرر العلماء في أحكام الإمارة فينبغي بما أننا مجتمعا مسلما لا يصلح له إلا الإسلام ولا يصلح إلا به أن تكون كل الأمور وفق شرع الله تعلى ونحذر من عكس ذلك الذين قال الله تعالى فيهم : << وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا >> وفي قراءة <أمرنا> بتشديد الميم ولنا عبر في ما يجري حولنا في تلك الدول التي كانت مثالا في رغد العيش والأمن والاستقرار نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان .فعلى الحاكم أن يصطلح مع شعبه ويؤتي كل ذي حق حقه وينشر العدل ويرفع الظلم ويردع الظالم حتى يكون عبرة لمن يعتبر فمن المؤسف أنك لا تزال ترى ديناصورات الفساد وأكلة المال العام والخاص والقتلة وعصابات السطو والحرابة تسرح وتمرح وتجول وتصول وكأنها لم ترتكب تلك الجرائم العظام التي يندى لها الجبين فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلك يقول : < وإيم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها > فكيف بغيرها .
|