هل انتهى العصر الذهبي لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ؟
الجمعة, 01 أكتوبر 2010 00:17

ترددت بعض التردد في الكتابة في هذا الموضوع  لأني كنت أنتظر التخلص من  ذلك التعاطف مع فاتحي الأندلس الجدد  في التنظيم لأني كنت أرى في عيون بعضهم صدق  المشاعر تجاه الظلم والقهر الذي تعاني منه أمة الإسلام داخليا،وخارجيا  ذلك  التعاطف النابع من قناعة  راسخة ممزوجان بمرارة لاذعة وإيمان عميق بمشروعية الجهاد  إذا تعلق الأمر بمقاومة المحتل والدفاع بيضة الإسلام ،ورغم الاختلاف مع ما تقوم به القاعدة خارج مسرح العمليات المشروعة  يبقي هناك بعض التعاطف  السطحي مع عمليات استهداف المصالح الغربية المعادية للمسلمين  الذي تبرره العاطفة وحدها إن كانت نهايته انتزاع ملايين الدولارات من جيوب ( الصليبيين ) الذين طالما امتصوا دماءنا ونهبوا خيراتنا، والتي قد تجعل المرء يلتمس العذر لمثل هذه الأعمال أوعلى الأقل  يوزع اللوم على مختلف الأطراف   .
لكن هذا التعاطف ينقلب إلى ضده حين يتجه ينزلق  الانحراف الفكري بأصحابه إلى أعمال وسلوكيات أقرب إلى الحرابة وقطع الطريق منها إلى الجهاد لإعلاء كلمة الله تلك ، ولاشك أن إزهاق الأرواح البريئة دون مراعاة لحرمة دم المسلم وماله وعرضه  دون مراعاة لحرمة وضاربة عرض  الحائط بحرمة الزمان والمكان  ، وإن – من وجهة نظرها- مراعية له  !  طبقا للوثة الفكرية التي سيطرت على عواطف وعقول هؤلاء وحجبت عنهم الرؤية الكاملة وجعلتهم يعتبرون  جنودا صائمين  أهدافا سهلة ومشروعة ، أمام العجز عن الوصول إلى الأهداف الأصلية للتنظيم  . وأعتقد أن أن المبرر لهذا الإنزلاق السحيق هو ذلك  الإحباط الذي تولده الهوة الشاسعة بين التنظيم وعدوه القديم  هذا مع الطبيعة الانفعالية والاندفاع نحو الشهادة المزعومة  التي تربى عليها جنود التنظيم في الصحراء دون  الأخذ بأسباب التمكين في الأرض (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم  وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ) فقد كان لتلك الشحنات العاطفية المفرطة_  التي تلقاها الشباب المتحمسون من مشايخ الصحراء حول أجر الشهادة وما يتلقاه الشهداء عند أول قطرة من دمائهم وقصص الشهداء وابتساماتهم عند الموت  ومقارنة ذلك بالواقع المظلم في أعينهم  _ كبير الأثر  في الاندفاع إلى القتل والقتال من أجل الحصول على الشهادة ومعانقة الحور العين ! الذي طالما تأخر عنه أباطرتهم المنظرون  .  لكن هؤلاء المنظرين غاب عن أذهانهم أنهم يخدمون أعداء الإسلام قبل أن يخدموا أمتهم التي يتباكون على واقعها  فمع كل تفجير تدمع عين أم مسلمة ويزداد عدد اليتامى والأرامل ويقضون على أحلام أمتهم في الاستفادة من طاقات أبنائها  بتصرفاتهم الطائشة  ويخسرون تعاطفا في مجتمعهم أوقابليته لاحتضانهم .

نعم ندرك أنهم نبذوا مجتمعهم وآمنوا بكفره لكننا ندرك أنهم يدركون أنه مصدر بقائهم فلعل الله أن يخرج من أصلابهم متفجرا أوغازيا في سبيل الله ! ،  كما غاب عن المنظرين أيضا ما يعنيه الإسلام من معاني الرحمة والخلق والتعمير ولم يروا من إسلامهم غاية سوى القتل والتخريب والتدمير الذي يستهدف أبناء المسلمين، هذا مع حرصهم على الإبقاء على رهائنهم من (الصليبيين )أحياء لما يدره ذالك على جيوبهم من دخول وما توفره لهم تلك الدولارات من ربط العلائق بتجار الأسلحة ورفع أسهم شركات  أعداء الأمة ،  و إلا فما المبرر الشرعي لافتداء الأسرى (الصليبيين )  قبل الإثخان في القتل ؟ (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم )  ثم ما المبرر الشرعي لقتل المرتدين!   قبل انتظار وقت  الأذان كما أوصى  به الصديق أمراء ه  في حرب أهل الردة وما المبرر للتمثيل والعبث بجثث القتلى دون أن نسمع (كان فيكم مثلة لم آمر بها ولم  تسؤني ) على الأقل  ؟ وأين رحمة الإسلام  أين أخلاقه أين سماحته ؟ . سيطلع عليك أبو طلحة الميكافيللي ليستدل لك بالنصوص المتشابهة وبل والآيات المحكمة ذات التفسير المتشابه ليبرر لك كل أعمال القتل والتخريب والتدمير محرضا مؤمنيه على القتال ليقول لهم  إن  الجنة  تحت أسوار الثكنات العسكرية،  والتبرير ستجده حسب التراتبية التالية: الكفرة يقتلون لأنهم كفرة والحكام يقتلون لأنهم مع الكفرة والشعب يقتل لأنه يحمي حكامه الكفرة .  وهكذا يبدأ التراجع والتدحرج  في  الأهداف ولن نستغرب إذا سمعنا  بمن فجر نفسه في نفسه ابتغاء مرضاة الله !!.

هذا الانزلاق والتنازل عن الأهداف والمبادئ وغياب النظر بعمق في المآلات لا تقف صوره ولا أشكاله  عند هذا الحد  ، فالعلاقة المشبوهة مع أعداء المجتمع الإسلامي  من المهربين وبائعي المخدرات كلها تؤكد مستوى الميكافيلية الذي  تردى إليه  الخوارج الجدد الذين وصلوا إلى درجة أن يأمن الكافر المحارب شرهم إن دفعت عنه دولته ولا يأمنهم الجندي المسلم الذي تخلت عنه دولته .

هذا التردي والانزلاق   السحيق  الذي  انحشر فيه  التنظيم يجعل  قابليته للاستمرار كظاهرة متمددة أمرا صعبا ويجعله في وضع التقوقع والتقهقر الدائم والانطواء الذاتي .

وإن لم يعلن مراجعاته الفكريه ويصحح أعماله السلوكية ويشرع وسائله فلن يكسب من المناصرين إلا العدد اليسير من الذين لفظهم المجتمع من المارقين  ،  إذ أن  الهبوط  الذي وصلت إليه القاعدة في النسخة المغاربية أفقدها عنصر قوة ذاتي مهم هو فقدانها لحضن جماهيري تنموا داخله .

نعم يمتلك فاتحوا الأندلس عناصر قوة خارجية قد تطيل سكراتهم هي :  مصادر التمويل الفاعلة التي تتمثل في خطف الرهائن الغربيين

جباية الأموال من مهربي المخدرات.

استثمار أموالهم التي كسبوها من المغانم

ما قد يمكن أن يكون مصلحة استيراتيجية لبعض الأطراف الدولية في الإبقاء على هذا التنظيم في شمال الصحراء لحاجة في نفس يعقوب .

التغلغل الاجتماعي  داخل الشعب الطارقي  الذي لم يتعود على النظام والدولة والذي عانى من القهر والظلم ، وله قابلية لأن يتعاون ويحتضن استثمارات قياصرة   الصحراء .

لكن علاقة هذا الشعب  بالمجتمع الموريتاني أقوى وأقوم قيلا وأرسخ قدما ،  وإن تم تفعيل هذه العلاقة واستخدامها لصالح الأمة البناء والتعمير سيجد  هذا التنظيم نفسه محصورا حبيس أفكاره الضيقة  ويبقى دمية لاستخبارات أعداء الشعوب في   تلك البيداء المقفرة بعد أن انحسر امتداده داخل المجتمع الموريتاني .

وحتى لا نسترسل في الأماني نختم بملاحظة عامة لتصور حل سريع وفاعل  لمشكلة القاعدة  والذي يكمن تحمل علمائنا ودعاتنا مسئولياتهم وإعطاء الدولة  الأولويه للمعالجة الفكرية مع تحلى   جيشنا الوطني باليقظة والمسئولية وأخذه بأسباب القوة المادية والمعنوية فلا يهمل الجانب الإيماني و لا يفرط في عقيدته وإخلاص نيته وأن لا تكون هناك شبهة في دفاعه عن وطنه ووطنه فقط  حتى لا نضيع  بين إفراط الغلاة وتفريط الجفاة.

زيدان شغالي

هل انتهى العصر الذهبي لتنظيم القاعدة في  المغرب الإسلامي  ؟

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox