فنجان البرادعي
الأحد, 10 أكتوبر 2010 20:04

تابعت باهتمام بالغ قصة رجوع محمد البراد عي من منظمة الطاقة النووية إلي بلده مصر,وفي نفسه رغبة في التغيير والإصلاح ,بعد أن أصبح هذا التغيير مطلبا لفئات واسعة من الشعب المصري.

ربما تكون هذه العودة وهذه الرغبة في الإصلاح والتغيير وهذا الطيف السياسي الواسع الذي يطالب محمد البراد عي بالترشح للرئاسة وهذا التذمر الذي بدأت تظهر بوادره علي الكثير من المصريين,ربما يكون كل هذا قد تفاعل في نفسي مع أشياء أعرفها جيدا فرأيت في ما يري النائم أنني أجلس إلي السيد محمد البراد عي  وأقرأ له فنجانا وأحدثه عن مستقبله السياسي في مصر وأقول له:

طريقك يا برادعي صعب وشاق ووعر,قلبي يتفطر لما أري,تنهدت وأخرجت من صدري زفرة عميقة وملأت الدموع عيني وأختنق  صوتي ولكنني تداركت وتنحنحت حتى أرجع لحنجرتي ما استطيع أن أجمعه من قواي الصوتية وقلت بصوت متلجلج لاتخف سيمتد بك العمر إلي لأن تري الكثير الكثير.

سوف تعاني وتقاسي وتشقى من أجل نضالك فنحن أمة تأكل المناضلين ومنشدي الإصلاح والتغيير, نتخصص في تدمير من يريد بنا خيرا.

شجعني هدوء هذا السيد الوقور شجعتني قوته وصبره,بدا لي منه أن ما صدر مني لم يغير حتى تقاسيم وجهه بل ابتسم وقال بالله عليك أكملي لقد شوقتني للبقية , فاسترجعت صوتي الذي ضاع, ومسحت دموعي وقلت له,ستترشح للانتخابات القادمة بعد أن توهم أنت والشعب المصري بأنها ستكون نزيهة وشفافة وسيلتف حولك سياسيون كثر وجماهير ساحقة, وبعد أن تنجح في هذه الانتخابات سوف تطرح تصفيتك الجسدية علي الطاولة ,لا لن تموت, لن تقتل لأنك ستعاني عشرين سنة قادمة ما لو وضع علي الجبال لهدها,سيستعيضون عن قتلك "بكوبني" مصرية, سيخطف نجاحك وسيحال إلى هزيمة, هل ذقت طعم الهزيمة ?هل تتصور مرارة خطف الانتصارات وتحويلها إلي خسارة ?أسائل وقد أحسست بمرارة في حلقي أرجعت إلي صوتي تهدجه ,فهز رأسه بثبات وابتسم وقال أكملي يا أختاه ولا تبتئسي فإني أعد العدة لكل هذا، فاستجمعت قواي وقلت يا برادعي يبدو في فنجانك انك رجل قوي ومصمم وشجاع وانك تؤمن بقضيتك إيمانا عميقا,لأنهم سيحاولون إغراءك بشتى أنواع المغريات ,لن تقبل,لن تلين ,لن تعبأ بكل هذه العروض سوف تعزل .. سينسحب عنك الكثيرون ممن يقنعونك الآن بالترشح,جل أصدقائك, أقرب مقربيك سيسحبهم منك النظام،ستتعرض للكثير من الطعنات ,تأكد أنها مؤلمة لأنها ممن ستثق فيهم يوما  وممن سيخيل  إليك أنهم سيكونون دعائم مشروعك المجتمعي الذي طالما حلمت أن تقدمه وتطبقه في مصر ولمصلحة المصريين . أصلح جلسته وقال لي تابعي يا أختاه فقد شوقتني للبقية.فأجبته: أشفق عليك من البقية فإنها أقسى وأمر فقال أرجوك زيديني من حديث هذا الفنجان فإنه مشوق فاسترسلت في قراءة الفنجان وقلت ستعيش زمنا يخاف أكثر المصريين حتى من تحيتك، سيتهرب منك الأصدقاء وسيهجرك المقربون، بل ستسجن مرارا وسوف يعرفك سجن "بومديد" المصرية، وسيملك سجن " تيشيت " شرق مصر، سيفنى مالك ويبلى شبابك وستطعم مشروعك من صحتك وأعصابك سنين طوالا وستنسحب من حزبك حركات سياسية وزعماء قبليون ووجهاء بل أرى أن بعضهم سينشق عنك ويدعي أن الحزب حزبه هو وستدخل المحكمة مع من اعتبرتهم يوما رفاق دربك وسدنة مشروعك، وتنفست عميقا وتابعت .. قدرك أن تصنع الرجال ليطعنوك من الخلف ويصبح أكثرهم لك  عدوا مبينا واسترسلت بعد أن لاحظت أنه لم تطرف له عين لكل ما أوردت، سيعاني أهل الصعيد كثيرا من التهميش والحرمان لا لشيء إلا لأنك صعيدي.

سيحل حزبك لاحقا لأنك عارضت العلاقات المصرية الإسرائلية، يا لك يا برادعي من رجل صبور وقوي الإرادة. في فنجانك ما تنوء به الجبال، فقال تابعي فإنني في سبيل وطني مستعد أن أتحمل كل شيئ فلا تكترثي. فأشرق وجهي وقلت يا برادعي أرى في الفنجان فرجا وأرى الناس تتجمع عليك من جديد فالجيش المصري سيقوم بانقلاب عسكري وسيعطي وعودا قاطعة بأنه سيجري انتخابات نزيهة وشفافة بل سيغرقك أنت وشعبك بسيل من الوعود الوردية، فرفع وجهه في هدوء وقال هل سيفي بوعوده فقلت للأسف لا سيأتون بمرشح من النيجر انقطع عن السياسية والهم العام طويلا.

سألني ولكن كيف؟ فأجبته وقد استفزني هدوءه، سيدعم هذا المرشح من أحد زعماء المعارضة، والذي طالما اعتبرته رفيق نضال ومنشد تغيير وديمقراطية.

وتابعت: ستقوم ثلة العسكر التي نفذت الانقلاب بمحاولة سد الطريق أمامك ليس لأن الجيش ضدك بل لأنهم هم سدنة النظام الذي طالما أساء إليك وإلى شعبك، سيستخدمون كلما للدولة المصرية من هيبة وسلطان وركب ورجال ومال  وشيوخ قبائل، ومصر الأعماق من أجل أن لا تصل أنت يابرادعي لأن وصولك يمثل قطيعة حقيقية مع الأنظمة العسكرية وسيسد أبواب الفساد، ويعرفون أنك لن تكون لعبة في أيدي أي كان، ولكن مع كل هذا، سيرجح زميلك ورفيق دربك كفتهم وسيحرم مصر من فرصة نادرة للتغيير والإصلاح وسيحرمها بذلك من الاستقرار والتنمية، وسيعيدها إلى دائرة الانقلابات المقيتة، وتساءلت أليس هذا عجيبا فأجاب تابعي ولا تعجبي ومع أنني لم أصدق يوما بالفنجان والبصارة ولكنني أحس فيما تقولين صدقا عجيبا،فقلت مع كل هذا فإنك كبير في قلوب المصريين، يكنون لك كثيرا من الإعجاب والاحترام فأنت تنال ثقتهم بصمودك وصدقك وعفافك وعزة نفسك واستقامتك بل أن القدر سيكون إلى جانبك فرئيس العسكريين الذي نصبوه على حسابك ويأخذ مكانك الذي استحققته بنضالك وصبرك وثقة  شعبك سيطيح به من أتوا به في انقلاب عسكري آخر بعد أن يذهب إليه أهل المعارضة ويتركوك وحيدا معزولا في ركن مهمل.

و سوف يطالبونك بأن تدافع عن حكم هذا الرجل.. يا له من عالم لا يعرف الإنصاف. . .

فمرر يده على وجهه بهدوء وبدت عليه مسحة حزن سرعان ما ابتسم بعدها ابتسامة خفيفة وقال تابعي: يا أختاه فمصر وأهلها أهم من كل هذا.. فقلت ستزور عليك انتخابات أخرى تزويرا عجيبا وبعد أن تتدفق كل الجماهير عليك ويدعمك شيوخ القبائل والوجهاء وأهل المال ستكون في المرتبة الثالثة بقدرة قادر بمعدل زهيد ليكون ضربة قاضية عليك وان لم تقضي عليك لأنك قوي ستكون على الأقل إهانة وتحقيرا فقال لي إنني احتسب جزائي عند ربي ولا ينال كل هذا من عزيمتي.

فقلت له يبدو في فنجانك أنك سوف تعترف بالرئيس الجديد وسوف تهادن وسيعتبرون أن ليس لك الحق في المهادنة، ولوكنت متحرفا لقتال لأن المعارضة المعترفة المهادنة أصلا تريدك أن تظل في أقصى اليسار كما أن الموالاة تخاف مهادنتك وهدوءك وإلا فماذا ستبيع للسلطان. تعود أهل السياسية في مصر على أن يبيعوا ويشتروا فوق ظهرك ولا يريدون أن تدعم الجيش ولا أن تحافظ على معنوياته ويجب أن تصور على أنك عدو للجيش وعدو للشعب وتصور على أنك لا تهتم إلا بالرئاسة.

وإذا تنازلت وهادنت من أجل مصلحة الوطن والشعب فإن ذلك يزعج الكثيرين.. وأخرج زفرة عميقة من صدره وانتهت هذه الزفرة بأنة وقال وماذا في الفنجان أيضا قلت أرى في قاع فنجانك نورا وأملا وتاجا وشمعة وغيثا بعد قنوط كما أرى أنك صادق وأمين وشجاع ومثل الجبال الراسيات لا تهزك عوادي الزمان.

فاستيقظت على المؤذن يؤذن فأدركت أنني لم أجلس إلى البراد عي ولم أقرأ له الفنجان وإنما هي تفاعلات نفسية وأشياء دفينة لا أستطيع تفسيرها.

 

 

مني بنت الدي

فنجان البرادعي

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox