هل التنوع في المنهج المنظومة القيمة ؟ |
الخميس, 14 أكتوبر 2010 12:06 |
جميل أن تنوع في وسائل الحياة المختلفة طردا للروتين واستبعادا للملل الحاصل من الاعتياد والديمومة , ذلك ما تحاول محظرة :اشفغ أمير التربية إدخال في نظامها التعليمي ففي حفل أقامته قرب مقرها الواقع بمقاطعة الميناء في حي مكة , كان من اللافت جدا ذلك المظهر الاحتفالي الذي تبدي لنا من خلال ما أدخلته من نماذج ومتنوعات تعتبر بحق إبداعا بينا وجديدا علي العملية التربوية المعتادة في المنهج المحظري داخل البلد , يشبه في بعض وجوهه ما دأبت المؤسسات النظامية علي إقامته في احتفاليتها كل عام عند السنة الدراسية رغم الفارق المادي والمعنوي بين المحظرة عموما وهذه المؤسسات .
فالمحظرة تعاني من التهميش المنظم منذ الحقبة الاستعمارية بقصد تقليص نفوذ المتدينين أصحابها واستبدال الوجه الحضاري ذي الطابع الإسلامي العربي للبلد بأنماط أخري تفرزها مؤسسات النظام الاستعماري التعليمية الموجه لصالح تكريس وجوده ولو بعد رحيل أصحابه بقرون , وذلك ماحصل إبان حكم الأنظمة المتعاقبة حيث لا يخفي على لا يخفي على ذي عينين ما تعانيه هذه المؤسسة التي تحفظ للبلد وجهه الناصع وسمعته المتألقة فضاء القارات , ورغم كل ذلك تجاهلتها هذه الأنظمة ومنعتها من حقها الطبيعي من الخزينة العامة , ناسية أو متناسية سياسية عمر الفاروق المتبعة في القرون الذهبية من إعلاء شأن معلمي الكتاتيب [ المحاظر] بل والإغداق أحيانا ورغم أن عامة الشعب الموريتاني يحتفظ للمحظرة بمكانتها وتتعلق كثيرا بمشاعره ووجدانه , إلا أن سياسة المستعمر نجحت في استبعاد المحظرة من الإنفاق العام وحتي الخاص إلي درجة أن أولياء منتسبيها لا يسخون لها بمثل ما ينفقونه علي المدارس النظامية الخاصة , بل لا يسخون في الغالب الأحيان بثلثه , حقيقة قد لا يقبلها القارئ الكريم لكنها وللأسف واقع معاش علي الأقل في بعض محاظرنا مثل تلك المحظرة التي أثارت لدي هذا المقال وهي المحظرة : اشفغ أمير التربوية . فهذه المحظرة رغم ما تقوم به من عطاء قرآني وما أضافته إلي ذلك من أنماط تربوية وأدبية لا يكاد يسخى لها بمبلغ 500 أوقية شهريا ؛ والملفت حقيقة أنها صامدة أمام هذا الواقع , بل وماضية قدما في هذه الإضافة النوعية فقد شاهدت يوم استدعاني شيخها أحمد ولد محمود ولد سيد محمد ليومه التربوي الذي يقوم به منذ عامين تقريبا تعاونه في ذلك مساعدته الأولي فاطمة بنت محمد عدنان شاهدت من مظاهر الاجتماعية بمعانيها الإنسانية القائمة علي الأخوة الإيمانية المشبعة بثقافة المساواة تتخللها إنشادات أدبية تعالج مختلف المفاهيم الاجتماعية والفوارق العرقية من مثل قول شيخها : لا تبق حد عل لون واعل لون لا تكره حد إياك الله اترعون هو الباري هو الأحد وقوله أنا تكرور ولفاو واهل البيظان وسرقل ذالشعب ازين المساوي مامن دحس وألا مل ويقول أيضا ازرع في الناس المحبه إياك اتعود لكريتك مانك ناس من سبه واترب كيفت ربيتك إلي غير هذا من الموزون الشعبي المتضمن لمثل تلك المعاني السامية والتي لا شك أنهاتنمي الروح الوطنية وتساعد كثيرا في محو الفوارق الاجتماعية لدي الناشئة الذين هم جيل الغد الملقاة علي عواتقهم بناء دولة المواطنة المنشودة اليوم . إن استثمار الإبداع [لغن ] في مثل هذه المواضيع يضيف توجه جديدا لدي الأشبال داخل الحقل المحظري يشد عواصفهم , بل ويدفعهم إلي التفاعل الإيجابي مع أقرانهم في ساحات اللعب وأوقات الترفه وحتي مع إخوتهم داخل المنزل , حيث حدثني شيخ هذه المحظرة الأستاذ احمد محمود ولد سيد محمد أن تلاميذ يحفظون له عشرات قطع الموزون الهادف من أمثال ما سطرنا في هذا المقال لأنه يحرص كثيرا علي معاني الفضيلة لدي التلاميذ بحفظ هذه المقطوعات لما تمتاز به من سهولة الحفظ بالذاكرة فتراهم يجيبونه وبسرعة عن مثل قوله لأحدهم حدثني : عن تاريخينا وحضارتنا فيرد عليه قائلا : اعرف عنك عندك تاريخ واكبر يول حضارة موريتاني يعرفه شيخ ولما يعرفه خسارة أما الأمثال الشعبية فلها حضورها لدي الناشئة هناك فلو رأيتهم يرددون : الطبع أخير من لصل , نسبك لا تتكل يخي اعليه , لرأيت معاني القيم ترتسم على وجوه أولئك الصغار لتتحول إلي أفعال نبيلة مجسدة لديهم في قابل أيامهم بإذن الله تعالي وأنا هنا إذ أنوه بهذه الإضافة النوعية التي ابتكرتها هذه المحظرة فإني أدعو إلي - الاستفادة من خبرة شيخها في تربية ناشئتنا المفتونين بوسائل الإعلام المعلبة والموجهة - لفتت كريمة اتجاه هذه المحظرة تشجيعا لإبداعها وإبقاء عطائها داخل ذلك الحي المسكين , حيث أن عامة ساكنة تحت خط الفقر وتحتضن هذه المحظرة عامة أبنائه وبناته وهي تضم الآن 180 تلميذا يتجمعون تحت أعرشة لا تكن من المطر ولا تقي حر القر وأنا علي يقين من أنه وفي ظل التوجه العام للسلطات العليا في البلد لا بد وأن تمتد إليها يد كريمة ببعض ما تستحق وليكن ذلك قريبا فحاديها يقول محظرت ذي عنوانه فقيه اشفغ امير موفق حد ابناله ذاك المولي نصير محمد ولد خطري . |