إليك يا منبع الحنان
الأحد, 24 أكتوبر 2010 10:45

" أمي"، كلمة جميلة وعنوان للمحبة والحنان تداولتها الألسن على مر العصور إلا أنها لم تحظ يوما بما تستحق من التقدير والإجلال تلك الإنسانة الرقيقة وذلك الإحساس المرهف والقلب الطيب الذي يفيض حنانا وشفقة.
مهما كان عرقها أو دينها أو مستواها الثقافي فهي منبع للحنان والمحبة وعنوان للإيثار ونكران الذات. ما أن تحس بوجود ذلك الكائن الصغير بين أحشائها حتى ترق طباعها ويمتلئ صدرها بفيض من العواطف الجياشة والمشاعرالنبيلة يصعب على المرء تجسيده في بضع كلمات مهما كانت درجة بلاغتها. ولا يلبث صدرها الرحب أن يمطر بسيل من اللبن خالصا سائغا   يروي ذلك الكائن الصغير بعد ولادته بكل ألوان المحبة ومعاني الفضيلة .
ولن يقف الأمر على ذلك فكل عضو من جسدها الطاهر مسخر لخدمة ذلك الصغير وتلبية احتياجاته ورغباته كل ذلك وهي سعيدة بما تفعل حيث أن ذاك الًصغير يمثل أحلام الكون قاطبة بالنسبة إليها يكبر الصغير ومعه تكبر أحلامها وتمتد عبر امتداد الكون اللا متناهي وهنا يبدأ اختلاف في النوايا وتباعد للأجساد عن بعضها فلحلمها اليوم أحلامه الخاصة وأهدافه التي قد لا تكترث بأهدافها وأحلامها يرحل عبر أحلامه ليقيم هناك زمنا طويلا.
تتعاقب صروف الليل والنهار والمشاعر المختلفة على جسدها الطاهر وقلبها الحنون لتنهكهما وتترك بصمات قاتمة لا يخفف من وطأتها إلا وجود ما تبقى من ذلك الحلم الكبير داخلها ويظل الخوف والرجاء يراودانها ليسرقا من أيامها ونضارتها ما شاء الله لهما أن يسرقا دون أن تشعر بوطأة الزمن فهي منهمكة في التفكير في ذلك الكائن منذ أن كان نطفة في رحمها لكن أحلامها تقلصت عندما أبتعد عنها لتختزلها في حلم واحد هو حلم اللقاء به مرة أخرى ويتحقق الحلم بفضل دعائها ليعود محبوبها من سفره الطويل فينكر ملامحها؛" ما الذي أصابك يا أماه لقد كان قوامك منتصبا وبشرتك ناعمة ما الذي حدث لكيانك الحبيب يا أمي؟"
"إنها الأيام يا بني تقذفني بوابل من الشوق إليك لا يدع لي مجالا للتفكير في نفسي أو الأعتناء بجسدي ". ردت وهي تكفكف دمعها " لكنني اليوم بخير وقد   ضممتك بين أحضاني" فيعود الإنتعاش والسرور إلى محياها فهي اليوم كالأرض التي أصابها المطر "إهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج" هذا دأبك يا أمي وتلك سماك فأقلام الكون لا تستطيع أن تعبر عما لك من أفضال علي وما تستحقينه.
ليتني أقضي ما تبقى من عمري في حضنك الدافئ يا أمي أتفيأ ظلال دوحك الوارف وأقطف من بساتين الحب والفضيلة لديك ألوانا من الزهر أشتم داخلها عبق جذوري حيث لا زيف ولا تكلف ولا محاباة؛ لكن هيهات يا أمي فلكل منا موانعه إلا أنني أعدك بأن تظلي آخر ساكن يعمر هذا القلب الذي يعتصر ألما لفراقك يا منبع الحنان.
هذه الكلمات البسيطة التي لا تعني شيئا في حق من كانت السبب في وجودي في هذا الكون أهديها في عيد الأم وفي كل أعياد الدنيا إلى أمي الحبيبة وإلى كل أمهات العالم راجية أن يتقبلنها على الرغم من بساطتها فالهدية على قدر مهديها.

فاطمة الداه / من الدوحة عاصمة قطر.

إليك يا منبع الحنان

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox