" عايضُ القرَنيُّ يعتـذرُ , والعاتبُ عليه يغتَفِرُ"
الثلاثاء, 26 أكتوبر 2010 13:44

طالعَـنا الداعيةُ عايضُ القَرَنيُّ اليومَ في الشرقِ الأوسَطِ باعتِذارٍ ضُمِّـنَـهُ مقالهُ الرائعُ الماتعُ , والمعنونُ بتحيُّـنِ اللقاءِ في موريتانيا.!



وقبلَ انتشـاقِ عبيرِ هذا المقالِ فلن أبرحَ عنوانهُ حتَّـى أقولَ للشيخِ ما أحسِبُ أنهُ جاشَ بنفسِ شنقيطَ وقد وعدها الشيخُ بالزيارةِ , وحملتْ إليها وسائلُ الإعلامِ صبيحةَ اليومِ هذه البِشـارةَ , وكأنِّـي بها:

تقول لهُ (أهلاً وسهلاً ومرحباً ** بواردِ بشرى جاءَ من موردٍ أصفَى)



وذلكَ لأنَّ البلدانَ يُجِـلُّ بعضها بعضاً كما يفعلُ البشَـرُ بسادتهم وكبرائهم , وزائرُ شنقيطَ الوافدُ من بلاد الحرمينِ لا يبعُـدُ في احتفائها بهِ من حالِ يعقوبَ مع البشيرِ الذي ارتدَّ بمقدمهِ بصرُ يوسفَ , فأنتَ في عينِ شنقيطَ ابنُ الحرمينِ وإن تكُ مولودَ بلقرنَ , وإنَّـهُ ليتراءى لها في شخصكَ جلالُ المشهدِ , ويتدانى إليها بمقدَمكَ المرامُ الأبعدُ , كيفَ لا وأنتَ سفيرُ الأرضِ المقدَّسَةِ إليها , تلكَ الأرضُ التي تهوي إليها أفئدةُ الموحدينَ , وتسجدُ إليها جباهُ المصلينَ , وتحلِّقُ في سمائها قلوبُ العاشقينَ , وتحتضنُ إمامَ المرسلينَ.

وهـيَ أمُّ الدُّنيا على الحقيقةِ , وعلماءُها محطُّ الثقةِ عند المسلمينَ , ووُلاتهاَ القائمونَ بالقسطِ والحاملونَ لقبَ خدمةِ الأمَّةِ تاجاً يستبدلونَ بهِ مرصَّـعاتِ الألقابِ التي يُتَوَّجُ بها سواهُم , والرَّاضونَ تطبيقَ الشريعةِ في التنازعِ استعاضةً عن كل ما عداها , فهم الغيثُ الهطَّـالُ في كل جدباءَ جدَّاءَ , ولو لم يكن لهم في مساجدِ المسلمينَ التي يغسلونَ فيها أدرانَهم خمسَ مراتٍ إلا المصحفُ الشريفُ المطبوعُ بطابةَ لأغناهُم وجودهُ عن كلِّ مَديحٍ بسواهُ , وكأنَّهم من عَناهُ الشاعرُ بقوله:

يا شـائد الحرمين بالهمـم التي *** ملأ الحـديثُ بها لسـان الذاكرِ

شيَّدت ما يبقى ويسري ذكره *** في الأرض فاعجب للمقيم السائرِ

وعـمرت فيها كل بيت عبادة *** فأتى المـديحُ بكلّ بيـتِ عامِرِ

قسماً لوَ انّ الفضل مِثلكَ صورة ً*** لحـللتَ منـها في مكان الناظرِ

وبعدَ ترحيبِ الأرضِ فأهلُها - ولا شكَّ – مرحِّـبُونَ بالدُّكتورِ ولئن وطئت قدماهُ ثراهم ليجدنَّ بيوتهم أو قُلُوبَهم أو محاجرَهم أو جميعَ ذلكَ مساكنَ رحبةً يفوحُ من أرجائها رَوحُ المودَّةِ وريحانُ الاغتباط.

وبما أنِّـي قد كتبتُ ما أملتهُ النخوةُ اليَعْرُبيَّـةُ الجاريةُ مني مجارِيَ الدَّمِ مقابلةً لمقال الشيخِ السابقِ وعملاً بقول الله في الملاقاةِ بالمثلِ , فقد أرغمَني أدبُ الشيخِ في اعتذارهِ على أن أتمثَّـلَ  اليومَ قولَ أبي تمام:

وما رَبْعُ القطيعةِ لي برَبْعٍ . . . ولا نَادي الأَذىَ مِني بِنَادِ

فهـا أنا يا عايضُ القرَنيُّ وقد استرضيتنا أجمعينً فرضيتُ أسامحُكَ ولا أشاحُّـكَ وأسالمكُ ولا أرادُّكَ:

فإِنْ يكُ جُرْمٌ عَنَّ أَوْ تَكُ هَفْوَةٌ ... عَلَى خَطإٍ مِنِّي فَعُذْرِي عَلَى عَمْدِ.



وقَـد تمنَّـى الشيخُ صحبةَ الإمام العلامةِ محمد الحسن ولد الددو ووصفَ سماحتهُ بأنَّـهُ زميلهُ , وهذا الجزءُ من مقالِ الشيخِ يحملُ بالنِّسبةِ إلي شخصياً تزكيةً لكاتبهِ يُغبَطُ عليها وما هي عليه بكثيرةٍ.

كما استوقفني وفاءُ الشيخِ لزميل دراستهِ حسن ولد خَطري حينَ اعترفَ لهُ بالجميلِ في إسماعهِ أنماطاً من أراجيزِ الشناقطةِ كوَّنَ مجموعُ إيقاعها في أذنِ الشيخِ قدرةً على المُجاراةِ والمماثَلةِ في أرجوزتهِ الأمريكيةِ.

فشُكراً لكَ يا عايضُ القرَنيُّ على هذه الشَّجـاعة الأدبيَّـةِ في نسبةِ المعروفِ , وإعادةِ ترتيب الحُروف , وحيَّ هلاً بكَ في بيوتِ الشناقطةِ في كل أرضٍ , وفي قلوبهم كذلكَ , ولو أُتيحَ لكَ أن تستصحبَ في زيارتكَ ابنَ عمِّكَ المبرَّز , خطيبَ الأمَّـةِ ومصقعهاَ وسحبانها وقُسَّـها الذي تجري البلاغةُ بأمرهِ رخاءً حيثُ أصابَ (علي بن عبد الخالق القرنيِّ) فستطوِّقُ شنقيطَ والشناقطةَ منَّـةً لا تُجزى إلا عند ربكَ الأعلى ولسَـوفَ تُرضَى ويُرضَى.



أبُو زَيْدٍ الشِّنقِيطِيُّ

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox