متاجر الماستر تفتح أبوبها بكلية الآداب |
الثلاثاء, 17 يناير 2012 12:22 |
أ.محمد ولد الطالب كم هو مؤلم أن تجد الوطن الذي تقيم فيه وهو يتحلل باتجاه (التمكرب) . أقول ذلك وعيني على أهل أرض السيبة ، المجتمع الذي أثبتت الأيام أنه يعيش حالة رخوية منقرضة. و كأي مجال فاسد هاهي طحالبه و مخازيه... تتنوع و تتكاثر . ومن بين هده الفطريات التي تنتشر كانتشار الوباء ما نشاهده اليوم من ظهور الأسواق بيع الشهادات والتزلف بها و إهدائها و السحت بها و( التصدق) بها.. و سيتبين أن لهذه الميزة ، التي تشكل إحدى خواصنا ، درجة فارقة من الخراب المنبئ عن كارثة معرفية و أخلاقية جديدة على مستوى الحاضر و المستقبل. لا نحتاج هنا طبعا ، لتقديم أمثلة الانتشار متاجر الماستر ، نظرا لآن مجاريها تمتد من شوارع تفرغ زينه المؤثثة بالجيف حتى مستنقعات سوكجيم عرفات .. ليس ثمة فرق علمي بين حوانيت الماستر بنواكشوط ، سوى أن بعضها يتخذ من اسم لبنان وسيلته في التبيض ، بينما تقر أعداد آخري منها بصفتها زوايا تجانية تقدم شهاداتها العليا إلى مريدها على طريقة (الورد) ، هذا إلى جانب نمط : ماستر القبيلة ، و أخرى للحزب الفلاني ... و مما يجمع هذا التولفة من جامعات/ الماستر، أيضا، هو كونها هياكل تغيب فيها كل المعاير المهنية سواء على مستوى: البرنامج ، أو المنهج ، أو في طبيعة هيئة المدرسين ، أو في الطريقة المبتذلة لنظام الامتحانات ، أو التجهيزات المخبرية...إنها باختصار عمل غير صالح ، بعبارة أدق إنها بيزنس في الجزء النخاعي من البلاد السائبة . و ككل ميدان تجاري تنعدم فيه أصول المنافسة الشريفة ، أصبحنا نجد من يحصل على ماستر بلا نسب ، أي أنه لا يملك الإجازة/ ليصانص وما قبلها . ومن حسن حظ أصحاب الطلب هنا انتماء من يفترض أنه المدافع عن المصلحة العامة لهذه المدرسة ( الأخلاقية) ، والاهم من ذلك تعدد العارضين هنا ، حيث يختلط صياح من يعرض شهادة عليا في المحاسبة مع صراخ من يبيع ماجستير في الحضارة ، أو الطب... في موريتانيا وحدها تمنح شهادة الماستر أو الماجستير ، لا فرق- وعما قريب شهادة الدكتوراه- كذبا وحيلة ودجلا ، و دون بذل أي جهد علمي ، إلى المهرجين والسحرة و الأمين و العاهرات المتحجبات والسافرات...و أذكر هنا أني علمت بأن ثمة شخصيات (سامية) من بينها وزراء حصلوا على شهادة دكتوراه من مستنقعات سوكجيم ، دون أن يتأذوا برؤية أخبية المؤسسة المانحة. ويقترن الذهول هنا بالأسى حين يتم القفز على من حصلوا على شهادات الدكتوراه بأقصى درجات أصالة المنجز ورصانة وصرامة المؤسسات التي تخرجوا منها ، لكي تمنح مقاعد التدريس في التعليم الأناس اشتروا شهادة الماستر من هنا أو هناك . و تتواصل الدهشة عندما ندرك أنه ما من دولة في عالم اليوم إلا و تعلن عن أنها اكتشفت/ تصدت لعشرات الشهادات المزورة التي تكتسح العالم ، باستثناء موريتانيا . ومن هنا أتحدى وزارة التعليم هنا بأن تقول أنها رصدت أي من الشهادات المزورة التي تتدفق على البلاد. من البديهي أنه ما كان للأمور أن تصل إلى هذه الدرجة من السوء لولا أن هناك رعاية رسمية (عليا) . و ما زلت هنا أتذكر كيفأصيب الكثيرون بالدهشةوالاستغراب عندما تم، في سنة 2010، سحب الاعتراف من ماستر (لبنانية) للطب ، نظرا لأن بنيتها غير مؤهلة لأي مستوى من التعليم. وبقدرة قادر ، وبعد دفع المقسوم من المال ، فتحت تلك الماستر بعد بضعة أيام تخلت فيها عن بعض تجهيزاتها و معدتها لكي توفر المال ، حينها زال عجب العارفون ( بالنظام) . و لعل أطرف ما في محلات ، أو حانات ، الماستر هو نظامها في الامتحان و انجاز رسائل الماستر/ الماجستير ، فحيث لا وجود للراسبين ، نجد إحدى ( مؤسسات) الماستر تقوم بإنشاء لائحة وهمية بأسماء للراسبين ، بينما تتزعم أخرى طريقة التنجيح التلقائي للمسجلين دون المرور بشكليات وجود راسبين. أما إعداد الرسائل فيتم عن طريق استنساخ جزء من كتاب أو أطروحة تم انجازها من طرف شخص آخر . ولان الجو العام هنا ينحو باتجاه ابتذال المعارف و الإساءة إلى سمعتها ، فقد أذن لكلية الآداب/ جامعة نواكشوط بفتح بعض المحلات التجارية على أساس أنها ماستر. حيث ظهرت أسماء لماستر يود مالكها الاستثمار في الجغرافيا بينما تريد الأخرى بيع التاريخ . لا أريد أن أركز هنا على ماستر بعينها ، لكنني مضطر لأشير إلى أنني تلقيت العديد من شكاوي المترشحين للماستر الأخيرة . تظلمات تنطق بان مسئول هذه الماستر يبحث في وجوه وملفات المترشحين عن من يملك جاها وسلطة ..... و إذا ما صحت هذه الروايات ، فإن أسلوب عمل هذا المتجر يقوم على البحث عن من يعول عليه في تقدم الخدمات ويلبى طلبات وحوائج المحيط العائلي لصاحب المقاولة...كما يلاحظ بهذه الماستر/ المتجر وجود العديد من مظاهر خرق القواعد الأكاديمية يتمثل بعضها في أن بعض مدرسي هذه (الماستر) لا تتجاوز درجتهم العلمية شهادة الماستر ، بمعنى أننا أمام ماستر يدرسها حامل ماستر . وذلك بحجة أنهم اكتتبوا في الجامعة ، و كأنه يكفي ويشترط للتدريس في الماستر أن يكون راتبك في حدود 30.0000 أوقية . عموما نلحظ أن ثمة رؤى عديدة تقول أننا أمام تاجر في بيع الشهادات المستعملة والجديدة... أدرك سلفا أن ما نسجله هنا مجرد عبث ، نظرا لأنه لا وجود لحاكم رشيد يشكى إليه . لهذاساء كل شيء هنا حتى وصل الأمر إلى الشهادات العلمية التي أمست المتاجرة بها على طريقة كيف تحصل على دكتوراه في خمسة أيام؟ . ومن هنا يبقى الخطاب موجه للبائع و المشتري لسلعة لعن الله بائعها و حاملها و المحمولة إليه.. وهنا نسأللمن تتبع (عربات بيع) الماستر: وزارة التجارة ، أم وزارة التعليم ؟ ثم أستقي من البداهات جوابا يقول أن كل شيء هنا أمسى تابعا لوزارة التجارة / مؤسسة الرئاسة . على وجه التحذير أرى أننا نجر نحو كارثة جديدة ، لهذا يجب أن لا نسمح بأن تقودنا شهواتنا نحو الفساد في الأرض . صحيح أننا محكومون بنظام لاتهموه السمعة الأخلاقية للأشياء بقدر ما يهمه الأكل و السرقة والحقد ..لاكن ذلك لا يبرر أن نعمل في أمورنا ما نشاء . إجمالا أرى أن الناس هنا تعيش مهازل تراجيدية ، حيث تمنح درجة الجنرال بالمجان أو للوشاية.. ، جنرالات ( قصار سمان ) كما قال أحدهم .. |