ما سر اهتمام الشعب الموريتاني بالسياسة
الأربعاء, 03 نوفمبر 2010 14:01

ما إن تحين الساعة الثامنة مساء بتوقيت غرينتش حتى يتحلق كل من فى البيت الموريتاني حول جهاز التلفزيون وتسود حالة من الصمت الرهيب لا تسمع خلالها إلا خرير الإبريق يوزع زخات من الشاي بين تلك الكؤوس الصغيرة فكل من في البيت آذان صاغية للاستماع إلى نشرة المغرب العربي على قناة الجزيرة الإخبارية.وما أن ينتهي مقدم النشرة من قراءة الموجز حتى يضج المكان بأصوات المعلقين والمحتجين فيخيل إليك أنك فى قاعة برلمانية ولست فى بيت موريتاني متواضع معظم أفراده عاطلون عن العمل

ومن المفترض أن تكون لهم أولويات أخرى غير الاهتمام بما يحدث فى الساحة السياسية. فما سر ذلك الاهتمام الزائد لدى المواطن الموريتاني بالمجال السياسي يا ترى؟ أهو تطلعه إلى مستقبل سياسي أفضل يمكن الدولة الموريتانية من مواكبة العصر ويجعلها توفر للمواطن أبسط حقوقه في الحصول على التعليم والدواء؟ أم هو إحساس بالقومية والإنتماء إلى وطن عربي ممزق يعاني جملة من المشاكل تزداد تفاقما يوما بعد يوم؟ أم أن للمواطن الموريتاني طموحا أكبر من ذلك إلى أن يشارك في حل مشاكل العالم بأسره والتى تزداد تعقيدا هي الأخرى؟

مهما تكن الأسباب فهذه الظاهرة لافتة للانتباه ولا يوجد لها نظير في العالم العربي على الأقل؛ فالمواطن الخليجي مثلا رغم أنه لا يعاني من مشاكل اقتصادية مثل ما يعاني منها مواطنو الدول العربية الأخرى، لا يهتم بالسياسة والمواطن المصري الذي يعاني مشاكل اقتصادية وسياسية لا يهتم بالسياسة كذلك وهذان مجرد مثالين للوضعية الراهنة للمواطن العربي. إذن ما الذي يجعل المواطن الموريتاني يهتم بالسياسة بهذا الشكل اللافت دون غيره من مواطني العالم العربي؟

بالإضافة إلى الأسباب آنفة الذكر، والتي لا تخص موريتانيا وحدها، ثمة سبب رئيسي لهذا الاهتمام الملحوظ بالسياسة والخوض في شتى ميادينها بكل جرأة لدى المواطن الموريتاني البسيط لعله خاص بموريتانيا وحدها وإن لم يعترف المواطن الموريتاني به علنا وهو نوع من حرية التعبير متوفر فى موريتانيا لا يتوفر بالضرورة في معظم البلدان العربية الأخرى؛ فالحكومات الموريتانية المتعاقبة، رغم ما يؤخذ عليها من مآخذ، لم تتعرض لمواطن عادي يوما بسبب خوضه فى أمور سياسية مهما كانت درجة حساسيتها مثل ما يحدث في بعض البلدان العربية الأخرى والأمثلة على ذلك كثيرة منها ما يحكى على شكل نكتة تقول أن مواطنا من إحدى الدول العربية كان يسير في شارع عام مع ابنه الصغير الذى شاهد صورة لرئيس تلك الدولة معلقة على واجهة أحد المحلات فقال الطفل ببراءة " هذه صورة الرجل الذى لايحبه بابا وإذا رأى صورته على التلفاز شتمه" فرد والده الذى كان يمسك بيده ببداهة حاضرة " لمن هاذا الطفل؟ " ليبرئ نفسه من تهمة أبوته له !

تتضافر إذن في موريتانيا جملة من الأسباب مثل ما ذكر تجعل الشأن السياسي من أكبر أهتمامات المواطن ومن هذه الأسباب كذلك أن المواطن الموريتاني يجد نفسه فى حاجة ماسة إلى ما يشغل به فراغه القاتل فهو عاطل عن العمل في أغلب الأحيان كما ذكرنا ولا يجد أمتع من الخوض فى الأمور السياسية ليملأ به فراغه. هذا بالإضافة إلى أنه يحب الجدل بطبعه ويتمتع فى أغلب الحالات بالقدرة على إقناع الآخرين برأيه.ولعل هذا هو سر اهتمامه بالسياسة فهي مجال يتسع للنقاش أكثر من غيره من المجالات الأخرى.

فاطمة الداه /الدوحة /قطر.

ما سر اهتمام الشعب الموريتاني بالسياسة

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox