شرطتنا الوطنية... وهواية إجهاض الحوامل
الثلاثاء, 13 مارس 2012 16:52

باب ولد الدي ''مدون وناشط علي الشبكات الإجتماعية''باب ولد الدي ''مدون وناشط علي الشبكات الإجتماعية''بقلم: باب ولد الدي

"أنا أطالب بتعديل شروط دخول المدرسة الوطنية للشرطة يجب أن يخضع كل المترشحين لفحص نفسي كامل؛ لاستبعاد "السايكوباثية" والاضمحلال العقلي والغباء والسادية..

الرجل الذي يضرب حشداً من الفتيات بهذا الحماس لا يستحقّ أن يحيا أصلاً". د. أحمد خالد توفيق.عندما شاهدت اليوم صورا لنساء موريتانيات من بينهن (حامل في شهرها الثامن) وهن يضربن ويُسحلن ويُحملن كما تحمل شاة الذبيحة من قبل عناصر الشرطة، مـر من أمامي شريط ذكريات فترة كنت شاهدا عليها، لقد مارست الشرطة الموريتانية وقتها التعذيب الجسدي والنفسي علي النساء بصفة عامة وعلي الحوامل بصفة خاصة مما أدى لموت الأجنة والأمهات في بعض الأحيان.

عادت بي الذاكرة إلي يوم السبت الثامن والعشرين من يونيو عام 2005 ، في ذلك اليوم انهال أفراد من شرطة العقيد معاوية ولد سيدي أحمد الطايع علي المرحومة زينب بنت يوسف ضربا وسحلا وداسوها بالأقدام وهي حامل في شهرها السابع، والتهمة: سترها لجسدها "لبسها للنقاب" في وطن يحمل وقتها حكامه شعار "العُرْيُ".

نُقلت زينب وقتها إلي المستشفي الوطني بعد أن أصيبت برعشة ورجفة شديدين وارتفاع في ضغط الدم، اضطر الأطباء معه لإجراء عملية قيصرية للمرحومة من أجل استخراج جنينها الميت!

زينب من يوسفزينب من يوسفلفظت زينب أنفاسها الأخيرة بعد أيام من مصارعة آلام النفس والجسد ولفظ نظام ولد الطائع أنفاسه بعد مقتلها بشهرين فقط!.

وكالعادة خرج عليها الناطق الرسمي باسم الشرطة الوطنية وقتها يحفظ ولد أعمر ببيان صحفي أقرب للتقارير البوليسية ليقول لنا أن وفاتها طبيعية.

وعلي رأي الشاعر العراقي مظفر النواب في قصيدته "قصيدة من عالم القطط" "والصحف الرسمية قالت... لم تقتل وافاها الأجل".

الضحية الثانية: يبدو أن "شرطتنا الوطنية" صَفحت بيت القاضي شريح:

رأيتُ رجالاً يضربون نساءَهم *** فَشُلّت يميني يــومَ أضْرَبُ زينبَا

فقبل حادثة المرحومة زينب بنت يوسف بثلاثة أيام، تعرضت زينب بنت محمد زوجة إمام مسجد الذكر والمطلوب وقتها عبد الله ولد زكريا في مفوضية شرطة دار النعيم (2) للضرب الوحشي من قبل (9 من عناصر الشرطة) مارس أفراد الشرطة هوايتهم المفضلة "إجهاض الحوامل" فاعتدوا على زينب بالضرب مما أدي لقتل جنينها، رفعت الضحية دعوى قضائية ضد الجناة لكن ملف الدعوى كعادة هذه القضايا كان مصيريه دهاليز العدالة!.


خدية بنت محمدخدية بنت محمدالضحية الثالثة: في شهر أغسطس من عام 2003 اعتقل كبير زبانية التعذيب وقتها دامس ولد لكبيد السيدة خدجة بنت محمدُّ من أجل الضغط علي زوجها المعتقل آنذاك محمد بن علي للاعتراف بمحاضر التحقيق الظالمة، بعد اعتقالها بدأت الشرطة في ممارسة هوايتها المفضلة "إجهاض الحوامل"، عذبوها جسديا بإجبارها علي الوقوف لسبع ساعات وضغطوا عليها نفسيا باعتقال أخيها وكذلك بتوجيه الشتائم لها وقذفها، أصيبت خدجة بعدها ذلك بأعراض الإجهاض فلم تعرها الشرطة أي اهتمام ولم يتم نقلها إلي المستشفي الوطني إلا بعد سقوط جنينها الذي مات بموته آخر أمل لها في الإنجاب!.

واليوم تعود حليمة إلي هوايتها القديمة فيقدم (5 من عناصر شرطة الجنرال محمد ولد عبد العزيز) على ضرب سيدة في عقدها الثالث تدعي عائشة بنت أبو بكر وتعذيبها في أحد الفصول الدراسية الخاصة بالمعهد العالي للدراسات البحوث الإسلامية وبعد ذلك رميها في مؤخرة سيارة من نوع "لاندكروزر" وهي حامل في شهرها الثامن.

بربكم ماذا تغير إذن في موريتانيا بين عام 2003 و 2012 ؟؟! فقط عقيد بجنرال ومحمد بمعاوية ما أضعف ذاكرة الشعب الموريتاني وما أشبه اليوم بالبارحة.

علينا أن نـتـحد جميعا ضد هذه الظاهرة عن طريق الوقوف أمام الجناة ومساعدة الضحايا نفسيا وقانونيا بمساعدتهم في رفع دعاوى قضائية ضد الجناة فالجرائم لا تسقط بالتقادم، وكذلك إعلاميا عن طريق فضح ممارسات التعذيب والتشهير بالجناة وأفعالهم "فمن أمن العقوبة أساء الأدب".

والعبء الأكبر هنا يقع علي الحقوقيين والهيئات التي تعني بحقوق الإنسان، وكذلك على الصحافة المستقلة أفرادا ومؤسسات وأيضا علي رواد الإعلام الجديد من مدونين ونشطاء على الشبكات الاجتماعية.

يمكننا أيضا أن نستفيد من التجربة المصرية في هذا المجال خصوصا ما حدث منها في ظـل نظام الدكتاتور مبارك حيث قام المدونون والمحامون والأطباء النفسيون بإطلاق حملات ضـد التعذيب الذي تمارسه الشرطة المصرية ونشر مقاطع فيديو لعمليات التعذيب ومساعدة الضحايا نفسيا وقانونيا مما أدى إلي محاكمة عناصر من الشرطة المصرية كانت محاكمتهم محاكمة للنظام وفضحا لممارساته.

ومن أشهر قصص التعذيب في تلك الفترة قصة المواطن المصري عماد الكبير عام 2006 ، و الذي قام النقيب إسلام نبيه باحتجازه بلا سبب وتعذيبه ومن ثم هتك عرضه بالقوة، وقام بعدها بتصوير عملية التعذيب وهتك العرض بكاميرا هاتفه الشخصي من أجل الضغط علي الضحية وابتزازه، لكن حصول المدون المصري وائل عباس صاحب مدونة "الوعي المصري" على شريط التعذيب ونشره علي مدونته، أدي إلي تبني "مركز هشام مبارك للقانون" للقضية وأيضا مساعدة مركز "النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف" للضحية عماد الكبير.

بعد أشهر من المحاكمة أصدرت محكمة جنايات الجيزة حكمها بمعاقبته النقيب إسلام نبيه بالحبس ثلاث سنوات بتهمة تعذيب المواطن عماد الكبير، مما شكل انتصارا للحركة الحقوقية في مصر وللحقوق الأساسية للمواطن المصري.

كما لا ننسى أيضا أن قتل الشاب المصري خالد سعيد بعد تعذيبه والتمثيل بجثته من طرف أعوان الشرطة المصرية، أدي إلى إنشاء "صفحة كلنا خالد سعيد " على فيسبوك والتي انطلقت منها الدعوة للخروج يوم عيد الشرطة 25 يناير 2011 للاحتجاج على التعذيب وخنق الحريات وكانت تلك الدعوة بداية الثورة على نظام مبارك.

وفي الأخير لدي أمنية: وهي أن أشاهد يوما ما قتلة زينب منت يوسف ومعذبي زينب منت محمد وخدجة بنت محمدُّ وعائشة بنت أبو بكر وخديجة أنكيدا خلف القضبان... وما ذلك على الله بعزيز... وما ذلك على الله بعزيز.

شرطتنا الوطنية... وهواية إجهاض الحوامل

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox