حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله..
الاثنين, 30 أبريل 2012 14:42

 

بقلم :محمد يسلم ولد يرب ولد ابيهاتبقلم :محمد يسلم ولد يرب ولد ابيهاتأذن للذين يرمي دينهم –افتراء- بأنه دين رق واستعباد، بأنهم بهتوا، وأن عليهم واجب نصرة الدين، بالكلمة، واليد، والقلب والجنان..وبكل ما أوتوا من قوة..

أذن للذين تحاك ضدهم المؤامرات، وتدبر لهم المكائد، من كل حدب وصوب، أن يهبوا من كبوتهم، ويكفروا عن ذنب "قابلية الاستعمار"..عن طريق الإعداد لأسباب القوة والمنعة، حتى تستعيد الأمة الإسلامية ريادة العالم، وتستحق بجدارة لقب "خير أمة أخرجت للناس"...

 وحريّ بنا، وقد تلاطمت أمواج الفتن والمحن..أن نتلمس المخرج حيث أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أن نتلمسه: "..تكون في آخر الزمان فتن كقطع الليل المظلم.. قلنا وما المخرج منها يا رسول لله؟ قال: كتاب الله و سنتي."

 

وهذا كتاب الله ينطق علينا بالحق ، فيقول جل من قائل : " يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي، وجعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم"..

 

فتسقط بذلك كل الانتماءات والأنساب و الألقاب والتشريفات، والامتيازات، وتتمازج وتتداخل الألوان والأعراق و الحضارات، لتصبح تقوي الله وحدها، في معانيها  الإنسانية ومقاصدها الربانية الأوسع والأكمل، وحدها، معيارا للكرامة والشرف...

 

وهذا نبي الرحمة ، يعلم البشرية معني المساواة، قاطعا لكل جدل، ومحرزا من كل خلط وخطل : " كلكم لآدم، وآدم من تراب" ، " لا فضل لعربي علي عجمي، ولا لعجمي علي عربي، ولا لأبيض علي أسود، ولا لأسود علي أبيض ..إلا بالتقوى"..، " ...بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم.. " كل المسلم علي المسلم حرام، دمه و ماله و عرضه.. "

 "لا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا..

"المسلم أخو المسلم، لا يحقره ولا يظلمه ولا يسلمه".."المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا".. "كل مولود يولد علي الفطرة... "

فما أعظمها من مبادئ وقيم، أعلنت وطبقت، وعاش الناس في كنفها في عدل ومساواة ورغد عيش، علي قدر التزام المجتمعات بها، من مختلف الشعوب والحضارات، وعلي مر التاريخ، حكاما ومحكومين..

وذلك في عهد كانت فيه شعوب العالم الغربي، المتشدق اليوم بالحريات وحقوق الإنسان، لا تزال تمارس الاسترقاق في أبشع صوره..وتعقد المحاكمات باسم الكنيسة والكهنوت..للبت في انتماء الأرقاء لجنس البشر..

لذلك، نقبل، نحن المسلمين، نقبل اليوم كل شيء، إلا المزايدة علينا في الحقوق والحريات والمساواة والعدالة..

لقد حرّم نبي الرحمة، وأد البناة، وشرب المسكرات، والفواحش، والزنا، وقطع الأرحام، والغصب، والسرقة، والنهب، والبغي، وبطر الناس، والتكبر، والتجبر، والغلظة ، والجهالة..ونهي عن كل سيء من الأخلاق...

وأمر بتربية البنات، وتناول الطيبات، وفعل الخيرات، وحفظ النفس والمال والنسب، وصلة الأرحام، والتكسب الحلال، ونبذ التواكل والاتكال، ودعا إلي العيش الكريم، والتواضع، والرفق ، واللين، وخفض الجناح، والبذل، والعطاء، وكرم الضيافة والوفادة، والتعاون علي البر والتقوى..

 وأمر بالرفق بالأرقاء، آنذاك، وسماهم ب "الإخوان" .. "إخوانكم، خولكم.. " وهذب، حتى الألفاظ في مخاطبتهم، فقال، فداه أبي وأمي، : "لا يقل أحدكم عبدي وأمتي، وليقل فتاي وفتاتي" وأمر بكسوتهم، وإطعامهم، والرفق بهم، ونهي عن تكليفهم ما لا يطيقون، وعاتب من أظهر جاهلية في القول، حين عير السيد المشرف، بفضل الإسلام وعظمته، بلالا الحبشي، قائلا: "يا ابن الحبشية" بقوله صلي الله عليه وسلم : "انك امرئ فيك جاهلية"..،

وفتح الإسلام أبواب العتق شرّعا وأوصد منافذ و أبواب الاستعباد، ورغب في العتق، ووعد المعتقين بعتق من النار...، وجعل العتق كفارة في كثير من الأبواب...فوضع بذلك خطة من أحكم الخطط للقضاء نهائيا علي الرق والاستعباد، لو امتثلهاوالتزم بها المسلمون قدما، لانتهى أمر الرق والعبودية في الإسلام منذ القرن الثالث أو حتى الثاني الهجري...

 ومنح الإسلام الأرقاء من الحقوق ما لم تمنحهم أرقي الحضارات في ذلك الزمن، حيث،  .

فلا سبيل لأحد، مهما كانت قناعاته، ومنطلقاته، ومبادئه، أن يعلّّم المسلمين حقوق الإنسان، والعدل، والمساواة، فذلك صميم الدين الإسلامي، وفحواه ودعوته ومقصده.

إلا أن الإسلام شيء والمسلمون شيء آخر..وتلك لعمري المعضلة، والمنزلق..

 وباختصار شديد، فقد مورس الرق والاستعباد من طرف كثير من المسلمين، خصوصا في بلادنا، باسم الدين الإسلامي، وظلمت شرائح عديدة من مجتمعنا، لا وجه شرعي لاسترقاقها، من خلال ممارسات عبودية كانت في كثير من الأحيان، مخالفة لأبسط الحقوق والكرامة الإنسانية... ويجب الإقرار بذلك، والعمل علي جبر آثار ذلك الظلم وتلك الاهانات، كي نضمن تلاحم و تماسك مجتمع أحوج ما يكون إلي التآخي والتوحد..في زمن العولمة الجارفة، وفي خضم الاضطرابات العارمة.. 

ويقع ذلك أول ما يقع علي عاتق العلماء، العالمين بأحوال زمانهم، الموفون بعهدهم في التبليغ الخالص، الجريء والمتجرد والمجدد عن ربهم، الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، يقولون الحق، و به يحكمون واليه يتحاكمون، معلين صوت الحق، مهما كلف الثمن.. الذين لا يشرون بعهد الله وآياته ثمنا قليلا وهم يعلمون..

فلو تقلد هؤلاء الذين وصفتهم بمهمة الدعوة والتبليغ، والوعظ والإرشاد، فأسمعوا الجميع، وأبلغوا الناس، صوت الحق، في المساواة والعدل والإنصاف، لما وصلنا إلي حد إحراق كتب الفقه المالكي من طرف من لم يستطع إبلاغ صوته بالأسلوب العلمي الهادئ، واختار للأسف الشديد أسلوب الاستفزاز و إثارة المشاعر..

ولن أزيد هنا علي ما قاله الشيخ الرباني والداعية الجليل، محمد ولد سيدي يحيي، حين قال :.

هكذا أري، وهكذا يجب أن يكون..

ولكي نتفادى مستقبلا ممارسات و أفعالا أكثر استفزازية  وإثارة، علي علمائنا أن يخلّصوا مراجعنا و مصادرنا الفقهية وكتبنا التي ننوي تدريسها اليوم في محاظرنا ومعاهدنا الإسلامية، ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين الميلادي، من فقه لم يعد يتماشي مع واقع المجتمع .. و عليهم أن يجتهدوا في صياغة خطب جمعة، ووعظ و إرشاد، تصب كلها في ترسيخ مفهوم المساواة و العدل والإنصاف بين مختلف مكونات شعبنا المسلم الواحد والمتوحد بهذا الدين الإسلامي العظيم..

وليعي الجميع، وليتذكر كل واحد منا، قولة إمامنا مالك، رحمه الله، وقد وقف علي قبر سيد الكونين والثقلين، : " كل كلام فيه أخذ و ردّ إلا كلام صاحب هذا القبر"..

فلا بد من التجديد والاجتهاد، حتى تتم صياغة فقه تجديدي ومجدّد، يحفظ ثوابت ديننا الإسلامي الحنيف، ويخلص فقهنا مما علق به من شوائب..

ويتأكد ذلك التجديد والغربلة والصقل من الشوائب، في كتب المذهب لدينا، عند أبواب فقهية كالطهارة، والستر، والعورة، والجمعة، وإمامة الصلاة، وأحكام الحيض والنفاس، والأنكحة، والطلاق، والتسري والرضاعة، والاستبراء والعدة، والقروء، والبيوع، والتركة..حيث يجب تنبيه الفقيه والمدرس في المدارس النظامية، والمعاهد والمحاظر، إلي أن ما يتعلق من هذه الأبواب الفقهية "بالعبيد " و"الإماء" لم يعد له محل في دولة موريتانيا الحديثة.. وفي عالمنا المعاصر، وبالتالي فالتمادي في تدريسه لا يعني إلا فتح باب الفتنة، ومنح الذريعة لأعداء هذا الدين، للانقضاض عليه ومحاربته داخليا وخارجيا..

وهذا لعمري عين المحذور الذي يجب تفاديه، حماية لديننا الحنيف، وصونا لتراثنا الفقهي المالكي من تطاول المتطاولين واستفزاز المستفزين..    

--------------------------------------

(1)              ويكيبيديا – العبودية

(2)             موقع الأحبار يوم 29/04/2012

محمد يسلم ولد يرب ولد ابيهات

انواكشوط 30/04/2012

حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله..

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox