حركة "إيرا" حق أريد به باطل!
الأحد, 06 مايو 2012 11:23

بقلم: محفوظ ولد السالكبقلم: محفوظ ولد السالكلا شك أن العبودية ظاهرة قديمة قدم العصور، ولا شك أنها ـ كانت ولا تزال ـ متجذرة في موريتانيا، وإن كانت قد شهدت في الآونة الأخيرة انتقالا من المستوى العلني إلى المستوى الخفي، وعرفت تراجعا في المجال الحضري واستفحالا في المجال القروي، إلا أن ذلك لم يحد بعد من درجة انتشارها.

لكن هذه الظاهرة القديمة ـ الحديثة ـ تحتاج في من يدعي أنه "الفارس المغوار" في الدفاع عنها، ومن ينصب نفسه الوحيد للذب عن بيضتها، والذود عن حياضها، توفر قدر كبير من الذكاء والحنكة...لأنها أضحت شبه لصيقة بالمجتمع.

إن إقدام "حركة إيرا" وزعيمها المشؤوم "بيرام ولد اعبيدي" الذي كان ينظر إليه القليلون على أنه مناضل، ومنافح... عن قضية العبودية في موريتانيا، على إحراق بعض الكتب الفقهية التي تحتل مكانة خاصة في المكتبة الموريتانية، وفي الصرح المحظري الشنقيطي الشامخ، بل وقوله بأنها كتب ألفت من طرف ظلمة، وجهال افتروا على الله كذبا... يعتبر خطوة مستفزة، لم تراع لمشاعر الموريتانيين إلا ولا ذمة، ولم تحترم خصوصية هذا البلد وتقديره الجم واهتمامه اللا محدود بتدريس هذه الكتب، التي تعتبر أمهات في مجال الفقه المالكي.

فبعد أن أقدم هذا الشخص على الانتقاد اللاذع، والشتم المقذع لبعض علماء هذه الأمة، ونبراسها الذي تستنير به، رغم أنهم أكثر منه حرصا على الدفاع عن هذه الظاهرة ـ لا المتاجرة بهاـ وأكثر دراية بالسبل المؤدية إلى ذلك بكل أمان، ها هو اليوم يتجاوز ذلك المستوى، إلى مستوى آخر أشد حدة، ليثبت حرصه الكبير على التقدم الحثيث على سلم الاستفزاز، ولا مراعاة المشاعر.

إن حرق "الأخضري، وابن عاشر، ومختصر خليل، والمدونة..." لا يعني انقراض هذه الكتب، ولا انتهاء صلاحية الاهتمام بها في موريتانيا، لأنها محفوظة في صدور العديدين من أبناء هذه الأمة، الذين كرسوا  ـ ولا يزالون ـ جل أوقاتهم في حفظ هذه الكتب، والنهل من معينها الفياض، وبالتالي فإن القضاء عليها لا يمكن أن يتم إلا عبر القضاء على جل أبناء موريتانيا.

إن الدفاع عن القضايا لا يكون بالتجاسر على تراث الأمم والاعتداء على مقدساتها، ودوس كرامتها، فتلك لعمري سبل دونها من العقبات الكأداء ما يصعب تجشمه، لأن حماتها الشعوب، وهي مستعدة لشتى صنوف التضحية في سبيل بقاء تراثها ومقدساتها، وبالتالي فإن من أراد سوء بهذه المقدسات عليه إدراك أنه قد آذن بحرب من الله ورسوله، والشعوب العربية والإسلامية، قد لا تضع أوزارها إلا بالقضاء عليه.

إن الإقدام على هذه الفعلة، يعتبر جريمة نكراء، خصوصا في بلد عرف بتشبثه بالمبادئ والتعاليم الإسلامية السمحة، القائمة على احترام الآخر، واهتمامه الكبير بتدريس العلوم الشرعية، خصوصا منها المتعلق بالمذهب المالكي، فأصبح بذلك قبلة لكل المشرئبين إلى الرشف من زلال معين العلم والمعرفة، وظلت بذلك محاظره تستقبل أفواج طلاب العلم من شتى أصقاع العالم.

وهو بلا شك، فعل ينم عن تبوؤ صاحبه الدرك الأسفل من الجهل، وسيؤدي لا محالة بالناس إلى الخروج من حركة "إيرا" أفواجا، لأن أمر سادنها قد افتضح، ولم يبق لها إلا الذهاب جفاء لأنها ليست مما ينفع العبودية في موريتانيا.

إن "بيرام" لم يحرق الكتب، وإنما حرق نفسه في أعين القليلين ممن كانوا يعتبرونه مناضلا، وصاحب قضية يستحق أن يتعاضد ويتعاطف معه فيها إلى أن يحقق مطالبه، لكنه أبى إلا أن يريهم شطط ذلك الادعاء وتهاوي أركان صرحه، وأبصرهم بأنه لا يستحق الهالة التي منحوه، فالحركة ليست سوى حق أريد به باطل.

بقلم: محفوظ ولد السالك

Mahfoudh_saleck@yahoo.fr

حركة

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox