حق الرد : من أشعل النار يطفئها
الأحد, 06 مايو 2012 14:08

أ . معمر ولد محمد سالم *

من أشعل النار يطفئها

في افتتاحية لموقع " السراج" كتبها أحمد ولد الوديعة تحت عنوان " الإسلاميون في مواجهة النيران"، وتصدرت واجهات مواقع إعلامية أخرى يوم الجمعة 04/05/2012، يلاحظ أن الكاتب بذل فيها مبلغ الجهد للدفاع عن حزب "تواصل" فيما هو موجه إليه من انتقاد من طرف قطاع عريض من الرأي العام،  أقر هو نفسه بحجم وطأته وبعد غوره في المجتمع بمختلف طبقاته إلى درجة دخلت بها موجاته اللولبية المدمرة في تلافيف النسيج الداخلي لشيعة تواصل وجمهوره المحازب، بدأ معها صقل سكاكين المواجهة بين طوائفه وأطيافه المنقسمة. 

وقد سعت الافتتاحية إلى اعتماد مبدأ النظرة التلمودية " شعب الله المختار" في الدفاع عن جماعة تواصل وإخراجها من ركام النقد الموجه إليها بعد حادثة حرق الكتب وقبلها، وهو أمر بعيد من الثقافة النقدية وقبول مبدأ الاعتراف بالخطأ، خصوصا حين يصر صاحبها على أن لكل جهة أسباب نقدها وحساباتها مع الكاتب ومجموعته " شعب الله المختار".

وما دام المقام مقام رد فسأكون مباشرا وأعول على مجمل القول بدل تفصيله، وأعيد أسباب النقد الجارف لتواصل إلى احتضانه ودعمه الدائم المستميت لقوى الفتنة والتطرف ومعاداة ثوابت البلد وهويته العربية الإسلامية وأقول لوديعة:

لقد كنتم مغاوير حركة تمكين لفراكوفونية في موريتانيا، وعبرتم عن ذلك في مواقفكم المشهودة للشعب الموريتاني، وآخرها ما افتخرت به في افتتاحيتك من وقوف في وجه ما أسميته "مخطط ولد محمد لغظف 2010" وهو إشارة إلى خطاب الوزير الأول الذي لم يقل فيه ـ مجرد قول ـ إلا أن اللغة العربية هي اللغة الرسيمة للبلاد كما نص على ذلك الدستور،  فأقام حراس لفرانكوفونية الدنيا ولم يقعدوها، وكنتم ـ للأسف ـ في مقدمتهم حين وقف طلابكم في الجامعة إلى جانب لافتات " الفرنسية إلى الأبد"، بل أوكل إليكم الدور الأخطر وتفانيتم في أدائه، وهو تحريف مناط النزاع من نزاع بين لغتين وثقافتين، لغة دينية ورسمية لدولة يتكلمها 90% من أهلها ولغة دين لكل مجموعاتها، وبين لغة استعمار وتغريب ومسخ، تحريفه إلى صراع بين مكونات الشعب الموريتاني، وهو نهج سار عليه أسلافكم ولاحقوهم من المنتفعين والمفتونين بفرنسا، لغة ومصالحا، منذ استغلال موريتانيا إلى اليوم، حين عملوا بمكر على جعل اللغة الفرنسية هي عامل الوحدة الوحيد بين الموريتانيين وأساس "التعايش السلمي".كما كنتم في تواصل في مقدمة من قدموا السند السياسي والإعلامي لحركة "لا تلمس جنسيتي" ومن خلال شخصك الذي أسرج ما وسعه من جياد الحركة وبغالها وتولى منصبا قياديا في صفوفها ودورا فاق دور خطوط دعمها الخلفية في باريس وداكار وسعيها لحرمان بلد بكامله من حق ضبط حالته المدنية، وتركه فضاء مشاعا لمن يقرر ميزان قوة الهجرة الزاحفة كالجراد السيطرة عليه، وتشريد أهله، ماديا بعد مسخهم ثقافيا وروحيا، وجاءت ثالثة الأثافي في توفير الغطاء المعنوي و " المعرفي" لحركة إيرا فيما أقدمت عليه، من فعل قبل أيام، ألم تكونوا أول جهة تتحمل وزر الاستخفاف بالفروع الفقهية المعمول بها في البلد، وتدق نصال الطعن في الثوابت العقيدية والمذهبية للأمة، ألم تشرعوا منذ عقود من على منابر المساجد التي تتحكمون فيها ومن خلال أشرطتكم الصوتية وكتبكم التي توزعون في التشكيك في عقيدة الأشاعرة والمريدية، المكوّنتان الرئيسيان لأهل السنة والجماعة في عموم العالم الإسلامي وفي مغربه على وجه الخصوص، ألم تكرسوا الجهد ذاته في التبشير لإحلال رأي غلاة مذهب فقهي معروف يحظى بالدعم المالي السخي محل المذهب الذي ارتضاه الشناقطة منذ ثوى واستوطن في نفوسهم قبل قرون و آماد بعيدة، وهو مذهب إمام دار الهجرة، والسبب الوحيد المعروف هو أن المذهب الذي تبشرون به يحظى بالدعم المالي والرعاية السخية من جهات خليجية معروفة وهو ما يشي به على نحو صريح وواضح منطوق و مضمون بيانكم الأخير حين يقول نصا : "يجدد (أي تواصل)أن نظرته للفقه المالكي عموماً وللتراث الاسلامي والفقهي في هذا البلد هي نظرة تقدير واستصحاب مع أن كل كلام يؤخذ منه ويرد، وأن الملزِم هو الكتاب والسنة." و "يدعو الجميع إلى عدم الانجرار وراء محاولات الإشغال و التوجه نحو القضايا الجوهرية" واللفظ من عند بيان تواصل، فهل هناك ما هو جوهري أكثر من معتقدات الناس وثوابتهم حين يعتدى عليها نهارا بالحرق والسب! وماذا يعني القول في هذا المقام والظرف بأن كل كلام يأخذ منه ويرد وأن الملزم هو كلام الله،سوى التحريض في وقت عصيب على المذهب المالكي وجعله في مواجهة الكتاب والسنة، وهي شنشنة تنطع خالصة لكم من دون أهل هذه الأرض.

ولاغرو في ذلك، فالوهابية المعادية للعقيدة الأشعرية ـ والتي يبشر الإسلامويون بها ـ لم تأت " إيرا" في نظرها شيئا فريا، ففي عام 1803استولى الوهابيون على مكة وأجبروا شريفها على تدمير قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور الصحابة المقببة، ولم يعد بناؤها، إلا بعد أن هزم العثمانيون الوهابيين (طارق علي، مائة عام من العبودية، ص:18).

في أوربا بلاد "الحداثة" التي تفتتنون بها على نحو متزايد لا نعرف إلى أين سيصل، وفي بلدان الديمقراطية يمكن أن نرى كل مظاهر التموقع السياسي والفكري، إلا أنه لا تمكن لنا رؤية من يحمل شعارات اليسار يصوت على برنامج ينتهك حقوق الطبقات الاجتماعية الهشة، أو يتساهل مع معارضته، ولا من يحمل شعارات اليمين يصوت أو يساند تفكيك تقاليد المجتمع، أو يتخاذل في الدفاع عنها في حين نرى حزبا " إسلاميا" في موريتانيا يعتبر معركته الأولى هي تمكين اللغة الفرنسية في الحياة العامة، وإقامة التحالف العلني والسري مع القوى الساعية إلى تمزيق هوية البلد الطبيعية، ويقدم الدعم الضمني لحرق أمهات الكتب الدينية سواء من خلال بيانه المتأخر أو من خلال مضمونه المزدوج الدعوة في اعتبار أن الأمر لا يدخل فيما هو جوهري من حياة الناس، وأن ثوابت الأمة هي الكتاب والسنة وكأن كتب خليل والحطاب والدسوقي...ليست من الكتاب والسنة بل تتعارض معها وينبغي " تطهير" الدين منها، وهو مضمون ومنطوق خطاب زعيم إيرا في وقفته المشهودة .

بقي أن نلفت انتباه الناطق الإعلامي باسم حزب تواصل وابنه المدلل المولع بسب وشتم من يخالفه الرأي أن الكلام السوقي الجارح يضر قائله أكثر ممن وجه له وأن وصفه لجهات قومية بأنها مصدر "تلويث الحياة السياسية بنفايات من الشحن القومي النتن" يمثل مقطعا مما مرد عليه لسانه، وهو مصدر النيران الوحيد الذي لم يستطع الاهتداء إليه، وإليك خريطة النيران التي يواجهها الإسلامويون:

يواجه الاسلامويون نيرانا فتاكة وحارقة، لكن أكثرها فتكا،هي النيران الداخلية التي التهمت أجزاء واسعة من أمعاء الإسلامويين لفرط عديد زنادها.

1 ـ نيران الضرائب:

 قبل رحيل الاسلامويين إلى بروكسل، التهمت أجزاء واسعة من النيران أمعاءهم لفرط ما أكلوا من أموال دافعي الضرائب بعرفات.

2 ـ نيران بروكسل:

 في بروكسل التهمت النيران أجزاء واسعة من أمعاء الإسلامويين، لفرط ما أكلوا من أموال النصارى، التي تم تحصيلها من خلال الضرائب على الخمارات والمطاعم التي تبيع لحم الخنزير والضرائب على البنوك التي تتعامل بالربا....

3 ـ نيران أموال اليتامى:

تعد أموال اليتامي التي ينفقها الاسلامويون في غير وجهتها، مصدرا آخر من مصادر النيران المتصارعة معهم.

4 ـ نيران الأدوية المزورة:

تحاصر أمعاء الإسلامويين نيران حارقة، لكثرة ما أزهقوا من أرواح المسلمين، لبيعهم الأدوية المزورة.

لكن أكثر النيران فتكا هي النيران الصديقة التي يطلقها من حين لآخر الإسلامويون على أنفسهم، وهم من أشعلها، ومن أشعل النيران يطفئها.

* قيادي في حزب الصواب

حق الرد : من أشعل النار يطفئها

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox