معارضة الفرار!!
الخميس, 10 مايو 2012 18:11

الأستاذ الحسن الأستاذ الحسن إنه لمن المفارقة عندما تمارس معارضتنا الباسلة لعبة القط والفأر مع أجهزة الأمن في مشهدين مخجلين لا يتعدى الفارق الزمني بينهما أسبوع، وهذا لا شك أنه يأخذ بعدا غاية في الغرابة، أعتقد أنه من غير المناسب أن نطلق على هؤلاء المناضلين الأشاوس "أصحاب التولي يوم الزحف"، وليصدقوني إزاء هذا الوضع، وأنا أصفهم بهذا الوصف الذي لا يليق بجنابهم أنني أموت خجلا.

ولطالما شاهدت مشاهد من الفرار كان يمارسها أبطال المعارضة أيام الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية وهم يرددون "لا للانقلاب"، "يا عزيز يا عزيز لست علينا بالعزيز" وكنت إبانها أتجاهل تلك المشاهد المخجلة، لكنني أمنع نفسي من التعليق أو حتى التفكير بها مخافة أن أسقط هالة الزعامة التي أضعها على هؤلاء.

وأقول باحثا عن عذر ألتمسه الإنسان ليس معصوما، وربما الحقيقة التي لا يعلمها الكثير من الموريتانيين هو أن المعارضة أصناف، فهنالك معارضة الكلام، ومعارضة الواجهة ومعارضة الخطابات الرنانة التي تجعل المتقبل يتمايل طربا من شدة الهول وهي (معارضة التكراح)، وهناك معارضة المبادئ والمواقف وهنالك معارضة البسالة والشجاعة، هذان الصنفان الأخيران من المعارضة هما اللذان ينقصان في هذه الفترة بالذات المعارضة الناطحة، أجل إنها ناطحة لكن قرونها تتركهم في مقراتها وتذهب إلى ساحة التحدي وهي تفكر بالفرار كلما شاهدت شبح شرطي، إنها المعارضة التي جمعتنا وإياهم في أيام الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، وكان التحدي كبير جدا وخرجت من تلك الفترة وأنا أشهد لهم بالجبن، إذ عشت معهم أحداثا غاية في التناقض حينما تسمع الصراخ والتكبير لكنك لا تفتأ تشاهد مشهدا مغايرا، ملؤه الركض والفرار والبحث عن جحر بغرض الاختباء، ياللشجاعة.

كان حينها ما كان يوم كان مناضلو التحالف الشعبي التقدمي يصنعون الأمجاد في مواجهة الشرطة ربما لن أنسى ذلك المشهد البطولي كان مكانه ساحة "بلوكات" حينما دخل الشاب محمد ولد اسويد أحمد مناضل في التحالف الشعبي التقدمي في مواجهة شرسة مع حوالي 15 من الشرطة حيث انتزع منهم اثنتين من العصي وجعلهم يفرون أمامه، ربما لن أنسى كذلك مشهد آخر مع مناضل في التحالف اسمه الرايس والذي واجه بكل بسالة حوالي 10 من الشرطة، وسأبقى أتذكر مشهدا بطله محمد ولد بلال الذي نزل من سيارته وبيده عصى هاجم الشرطة بكل بسالة وأخذ يضرب الشرطة يمينا وشمالا.

أين كان إخوتنا في الجبهة آنذاك، كانوا بين فار ومهرول ومختبئ، فقلت حينها إننا في التحالف متى يجب أن نبقى وقودا لمعارضة جبانة تتقن الكلام وتتقن الفرار إلى جانب الكلام، فكيف لمعارضة تترك رفقاء دربها في ساحة الوغى.

فهل من المعقول أن تفر معارضة مرتين في ظرف أسبوع واحد، أين أنتم يا معارضة من البسالة، وهل يمكن الحديث عن إشكالية نظام ساقط ومعارضة فارة.

أيتها المعارضة اجلسي مع نفسك وتساءلي عن الذي ينقصك، إنك معارضة كأسد جريح بلا مخالب، إنك طعام بلا ملح، إنك معارضة بدون التحالف الشعبي التقدمي، إذا أنت معارضة الصراخ والفرار ومعارضة الأقوال، اسمحولي أيها القراء الكرام أن أعود بالذاكرة إلى الوراء أن استعيد مشهدا مثيرا في زمن المعارضة الحزين عندما وجه نفر من الدرك بندقياتهم إلى الرئيس مسعود ولد بلخير ورفاقه وهم يركبون سيارة مهددينهم بعدم النزول منها، وما كان من مسعود إلا أن نزل متحديا أولئك الدرك قائلا لهم "نفذوا ما هددتم به" وكان بصحبته صار إبراهيما الذي امتنع عن النزول من السيارة، ومشهد آخر في أيام الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية حينما خرج من مقر حزب "INAD " في مواجهة شرسة مع مسيلات الدموع وابنته تمسكه مسكا مجهشة بالبكاء خوفا عليه، حيث تحدى بطش الشرطة التي أخذت تعليمات أن يتعاملوا بعنف مع تلك المسيرة، فأين هذا المشهد مما يجري وجرى الليلة البارحة حيث فرت قيادة المعارضة وتركوا قواعدهم في ساحة الوغى.

وقد سمعت بعض الشباب يخاطبونهم قائلين "لا تهربوا عنا" وقد بقيت قواعدهم صامدة، هل هذه هي المعارضة التي ستسقط النظام، لقد كنت على يقين وازداد يقيني أن إسقاط النظام لا يكون أبدا بثورة مستنسخة من ثورات أخرى.

فهل يمتلك زعماء معارضة الفرار مثلا شجاعة ثوار تونس الذين يأتون للميدان وهم على استعداد للموت، وازداد يقيني كذلك بوطنية الرئيس مسعدو ولد بلخير إنها بحق معارضة بلا مخالب، بقيت وراء مخلبها العبد مسعود، معارضة ستحكي على أبناءها حتوتة الكر والفر، كر يا عنترة، العبد يا سيدي لا يحسن الكر والفر وإنما يحسن الحلب والصرة، كر يا عنترة فأنت حر.

يقول عنترة:
إذا كشف الزمان لك القناعا *** ومد إليك صرف الدهر باعا
فلا تخشى المنية والقــاهى *** ودافع ما استطعت لها دفــــــــــــاعا

إلى أن يقول:
يقول لك الطبيب دواك عندي *** ولو عرف الطبيب دواء داء
يرد الموت ما قاس النزاعً *** ...............................


الأستاذ / الحسن ولد محمد

معارضة الفرار!!

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox