و سائل الإعلام.. والألقاب الزائفة
الخميس, 18 نوفمبر 2010 19:15

سيدي عثمان ( يحجبو ) بن المختار غالي
تحتاج مجتمعاتنا – بلا ريب -  إلى حظ وافر من إنارة الرأي ووضوح الرؤية لما يدور حولها فى أنحاء العالم يوميا، من مستجدات، ومن مؤامرات تحاك ضدها من طرف أعدائها، حتى تغدو الأمة على بينة من أمرها في فهم الواقع. خصوصا إذا ما وضعنا في الاعتبار أن وسائل الإعلام  ظلت ردحا من الزمن أسيرة فى أيدى حكامنا المتغلبين على أمرنا، قاصرين كل أدوارها المنوطة بها على شرح ءارائهم "النيرة "، وتوجيهاتهم "القيمة"، لافتين أنظار رعيتهم إلى  "مغادرة" فخــامة  الرئيس و"وصوله " و"استقبالاته " و"مراسلاته لنظرائه"، فلا يحق لهذه الوسائل أن تنقل وجهة نظر لا تلقى الترحيب والقدير من طرف فخامة الرئيس الأوحد.
لكن وبعدما استطاعت الثورة التكنولوجية فك أسر الإعلام، انتشرت وسائله المختلفة فى أنحاء البلاد المعمورة، فلم يسلم منها بيت وبر ولا حجر إلا دخلته، مما جعل من الصعب على "فخامته" إحكام السيطرة وتكميم الأفواه، بسبب التطور المذهل وانتشار الفضائيات وانتشار خيوط الشبكة العنكبوتية، مما جعل المرء حراًّ فى التعبير عما يريده والبوح بكل ما يختلج فى النفس، خصوصا أن هناك وسائل إعلام تروج لذلك، بتبنيها لشعار "الرأي" و"الرأي الآخر".
ولا يخفى أن هذه الوسائل قد ساهمت إلى حد كبير فى نشر الوعي الفكري والثقافي في شعوبنا العربية والإسلامية، حتى ارتفعت نسبة الوعي بين من لم يكونوا مؤهلين أصلاً بمستوى من الثقافة يساعدهم على الفهم والإدراك.
بالرغم من ذلك كله فإن هذه الوسائل الإعلامية لم تسلم من النواقص التى تحتاج إلى بعض المراجعة والتصحيح، ومن بين تلك النواقص - بل هوأخطرها فى نظري – عشوائية انتقاء
الضيوف والمشاركين، بدون أي معايير واضحة، تجعل الشخص مؤهلا لأن يدلي بدلوه في ما يستضاف له، ومع ذلك تجدهم يلجؤون إلى توزيع الألقاب والمراتب على أولئك الضيوف من أجل تسويقهم للناس، ممارسين بذلك أبشع صور الإرهاب الفكري على المستمعين، فيصبح عندها العامي المغفل حيران في ما يسمع، خصوصاً أنه قد جعل أمره بيد هذه الوسائل الإعلامية، واثقا من كل ما ستقدمه، فيفاجأ بالمذيع صارخاً: (معنا على الهواء مباشرة "الباحث فى شؤون الجماعات الإسلامية" فلان)، وقد يكون هذا الخبير – مع الأسف وهو الغالب- لا يحمل فكرة واضحةً عن تلك الجماعات، أو (معنا "المحلل السياسي" علان)، وعندما تستمع لما يقوله هذا الخبير أو ذاك الباحث، يصدمك ما يقدمه من أفكار تبتعد غالباً عن لب الموضوع بل ولا تمت إليه بصلة .
أذكر مرة أن إحدى القنوات العربية استضافت "محللاً" من هؤلاء عبر الهواء مباشرة، ليشاركها فى نقاش حول بعض المواضيع عن بلده، لكن الضيف عندما أحيل عليه ليتحدث، بعد ما سمع الكثير من الألقاب التي كانت مفاجئةً له قبل الآخرين، وجد نفسه مضطرا للمشاركة لأن يكون على مستوى الظن، وحين عجز أن يأتي بجملة من العربية صحيحة التركيب أو المعنى، لجأ إلى قصاصة ورق كانت في جعبته، ليقرأها على المشاهدين، مما جعل الصحفي يقاطعه قائلا: إن الحلقة للنقاش يا سيدي ولست للقراءة، وبذلك اتضح زيف كل الألقاب التي أسبغت عليه.
إن هذه القنوات مطالبة باحترام المشاهد، وأن لا تستضيف إلا من يمتلك أهلية للحوار والحجاج، بلسان ذرب، وعقل ثاقب، وفكر مستنير، حاملاً من المعلومات ما يؤهله لمناقشة الموضوعات المطروحة من جميع جوانبها المختلفة. وإلا فعليها - على الأقل - أن لا تحول نفسها أداةً للترويج المزيف لكل من هب ودب.

و سائل الإعلام.. والألقاب الزائفة

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox