المعهد العالي.. وقصة الاسترداد ! |
الثلاثاء, 29 مايو 2012 17:51 |
محمد حيدرة مياه صعبة هي الكتابة في مثل هذه المواقف ، وأصعب ما تكون حين يجتمع الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا ، والمعهد العالي ، في صفحة "الانتصار" المرقونة بكتاب التاريخ المفتوح والمليء بالعبر! سيقول التاريخ –وهو صادق فيما يقول - إن سيوفا وفؤوسا و"سكاكين" مغلفة بلباس القرار... حاول أصحابها ذبح المعهد العالي ، من القسم إلى القسم ، ومن الطالب إلى الأستاذ ! وأن أيادي سوداء نسجت خيوط الخبث والمكر والكيد لأجل القضاء عليه ، وأن إدارة رضعت لبان الذل والمهانة من وزارة الفشل والعجز..(وزارة الشؤون الإسلامية) ، كانت خنجرا مسموما في خصر منارة العلم والعلماء.. وحاولت تكسير "كراسي" علماء شنقيط.. مع العمد وسبق الإصرار.. متجاهلة في سبيل ذلك صيحات الأحرار التي ملأت سمع الدنيا وناظريها : ألا لا تغلقوا المعهد العالي.. مجد شنقيط.. وقلعة العلم والعلماء..! ألا لا تغلقوا المعهد العالي.. خزانة المذهب المالكي.. وحصن طلاب الشريعة الإسلامية.. وحديث محاولة "اغتيال المعهد العالي" حديث ذو شجون.. و"للقصة بقية".. حماة القلعة.. و حاملو اللواء.. ما كان للأمر أن يتم هكذا.. وبهذه البساطة ، فقد رفع الإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا لواء القضية عاليا ، حين تنازل عنها الآخرون ، وباعها المتاجرون ، وتقاعس عنها المسؤولون ! عض الاتحاد الوطني ، على القضية بالنواجذ وأدرك أن صلف الإدارة ، و عنجهيتها لن تكون اقوى من "عدالة القضية" وشرعية المطالب ، وقوة الإرادة وصلابة العزيمة التي يتحلى بها مناضلوه.. فقرر المُضِي قدما في سبيل نضاله السلمي الحضاري ، مهرجانا بعد مهرجان ، ووقفة بعد وقفة ، ومسيرة تلو أخرى ، وغضبا بعد غضب..! وهما خطان متوازيان "التضحية" و"العطاء"، لا يلتقيان إلا في سماء "الإنتصار" العالية.. ساحة المعهد.. شريان ينبض بالاحتجاج! خريطة المشهد ، كلها خطوط من الإحتجاج المصبوغ بلون الغضب ، فما في المعهد موضع شبر إلا وفيه من آثار معارك فتح التسجيل ، ما يملأ متحفا من متاحف الآثار..! لم تكن الإدارة ومن خلفها الوزارة.. تتعنت في رفض تلبية المطالب فقط ! بل أصرت على أن تأتي بخيلها ورجلها وشرطتها ، ومدافعها وقنابلها لتذيق الطلاب من جحيم القمع.. ما تشتهي "نفس" الوزير" وتلذ به "عين" المدير ! لقد كان الكر والفر ، والاعتقال والضرب ، والقمع والتنكيل ، والصمود والمواجهات الشرسة ، مصطلحات لقاموس الأفعال الذي رسم خريطة المعركة ، لقد سطر المناضلون معارك بطولية ، واجهوا خلالها القنابل الصوتية و المدمعة و المدمية أحيانا.. فسالت الدماء ، وسقط الجرحى والمصابون ، واعتقل من اعتقل ، وعُذِّب من عُذِّب.. وكل ذلك في سبيل المطالب العادلة المتمثلة في فتح التسجيل.. وإرجاع المعهد لسيرته الأولى.
وبعد هذه البطولات الأسطورية والملاحم النضالية ، التي سطرها الطلاب في سِفر التاريخ.. ركعت الإدارة والوزارة ومن وراءهما "النظام" –الراعي لسياسة القمع والتجهيل - لتوقع على اتفاق ، حمل مجمل مطالب الاتحاد.. بما فيها فتح التسجيل ، وعودة المعهد لسابق عهده ، والتأكيد على استمرار الدور الريادي للمعهد. وكما كان قرار إغلاق المعهد قرارا موغلا في الجور والبطلان ، فقد جاءت النتيجة ، كما تشتهي سفينة المناضلين ، فتحا للتسجيل ، وإنهاء للعسكرة وإبقاء على الدور الريادي لهذا المعهد..فضلا عن ما تتحق للأساتذة –هم الآخرين من مطالب جمة ، ظلت عالقة طوال الفترات الماضية في أدراج تلكإ الإدارة ، وعنادها. الشجرة المباركة.. إن مما يمليه الواقع و يحكيه التاريخ.. أن الاتحاد الوطني شجرة "أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها " يتفيأ الطلاب ظلالها ، وتسري دماء النضال في عروقها.. فلا فؤوس خفافيش الظلام ، وأعداء ينابيع العلم والمعرفة تستطيع اجتثاثها ، ولا المحاولات الياسئة لأصحاب القلوب البائسة تستطيع النيل منها.. لقد تيبن وبكل وضوح أن الاتحاد الوطني ، صرح نضالي ، عصي على المؤامرات ، قوي في انتزاع الحقوق ، أمل للطلاب ، وشوكة في حلق الإدارة المتربصة بالطلاب و مطالبهم.. لا يبيع القضايا ولا يهادن في ثوابت الحق الطلابي.. وهو في ذلك سائر على طريق رسمه السابقون الأولون من المناضلين الأوفياء.. الذين ضحوا بدمائهم الزكية.. في سبيل الحقوق. فكانوا خير خلف لخير سلف.. واليوم وإذ علت "أهازيج النصر " فما على المنشد من سبيل إذا غنى ورفع صوته : لنيل الحقوق وقطف الثمار ودعم النضال حماة الذمار وتوحيد هذي الجموع هنا بكل اعتزاز وكل انتصار وفضح الألى قد رضوا أن يبيعوا قضيتنا واكتفوا بالشعار فقولوا جميعا بصوت قويِّ يعيش النضال ونعم الخيار وذا الاتحاد هنا قد تسامى يناغي الخيال ويحمي الديار ويقضي المطالب أجمعها بكل اعتزاز وكل افتخار .
|