مقاطعة الركيز: في البرلمان .نائبان.. وامرأة تكافح بالنيابة.. |
الجمعة, 08 يونيو 2012 15:29 |
ظلت مقاطعة الركيز منبع الأطر والكفاءات الذين خدموا الوطن.. ومنهلا عذبا لرواد العلم والثقافة.. قدمت خيرة الكوادر والموظفين السامين في كل القطاعات طيلة عقود من الزمن.. وقدمت للبرلمان على مر تاريخه نخبة من الرجال المؤثرين الفاعلين الذين يألفون ويؤلفون... كما عرفت مقاطعة الركيز بإشعاعها الروحي والعلمي فحمل رجالها لواء الدعوة في ربوع العالم.. ورفع شعراؤها ومثقفوها راية البلد في كل المنابر.. كما أنها كانت سلة غذاء الوطن لعقود من الزمن.. مقاطعة الركيز هذه لم تشفع لها المكانة من أن يعاملها النظام الحالي بشيء من العزلة وتقزيم الدور... تجلى في مظاهر عديدة: حرمان أطر وكفاءات المقاطعة من الولوج إلى الوظائف السامية في هرم السلطة.. حرمانها من نصيب من طرق تفك العزلة عن قراها وأريافها، تحويل وتوجيه واستغلال تميولات إصلاح "بحيرة اركيز" نحو وجهة أخرى،
سبات عميق لحركة التعليم وتطوير البنية الصحية، أخطر ما في الوضعية أن البعض ممن يتقدمون لوظائف في الدولة يواجهون تمييزا فاضحا حين يتبين من اسمه الثلاثي أنه ينتسب لمن اشتهر بمعارضة النظام.. أو حين يظهر مكان الولادة بمقاطعة الركيز.. التي هي اليوم في وضع لا تحسد عليه: إبعاد وتهميش وإذلال، يواكبه إفراط في التملق -من البعض- لنظام لا يقيم لهم وزنا ولا يرقب فيهم إلا ولا ذمة..
بل إنه يرى في المقاطعة مصدرا لجذوة النار التي تلهب الحماس في نفوس المقهورين.. وأنها الطاقة الكامنة التي تغذي أرواحا تنشد التحرر والتغيير.. وأنها الصوت "التقدمي" الذي يؤطر الشباب ويؤمه في ساحات الاعتصام.. مع هذا كله قيض الله لمقاطعة الركيز من يدافع عنها ويحمل همها ويوصل كلمتها بصوت عال يخترق الآذان.. في غرفة البرلمان.. تمتلك المقاطعة نائبين أعتبرهما من نخبة الجالسين على مقاعد البرلمان وصفوتهم في الوقت الحالي.. مع أن الناخب في اركيز وجريا على المعمول به في كل الوطن.. لا يأخذ في عين الاعتبار عند الترشح للبرلمان ضوابط الكفاءة والخبرة كمعيار للانتخاب..
غير أن حظ الوطن والمقاطعة كان مقبولا حين تمكنت من الزج بنائبين لديهما القدرة على الاستيعاب والفهم، ولهما موهبة الخطابة وتوصيل الأفكار.. ولهما الحضور الفاعل والتأثير ساعة ما أرادا ذلك!!.. في كل جلسة عمل للبرلمان -المنتهية صلاحيته بكل المقاييس- ينتابني شعور بالاطمئنان وأنا أستمع لمداخلات النواب من مختلف المناطق يناقشون، يؤيدون، ينتقدون..
يحاولون حمل هموم الوطن والمواطن حتى بأصغر جزئياتها.. ليضعوها على بساط البحث.. مع شيء من القلق على مستقبل البلد ينتابني وأنا أستمع لمداخلات تشبه "التغريد" وخارج السرب غالبا.. لكن كل ذلك لا يوازي إعجابي واعترافي بالجميل لتلك النائبة التي يأتي صوتها من داخل القاعة جهوريا واضحا مرفوعا.. مبتعدة عن التنظير الفلسفي.. مطالبة بلغة مباشرة وبألفاظ دقيقة بإنصاف سكان مقاطعة الركيز والاعتناء بمطالبهم دون تكلف أو تزلف.. مفاخرة نظراءها أنها من مواليد المقاطعة.. وأنها نائب يستهلك وجبة "العيش" ويمشي في الأسواق.. معلنة أنها تكافح عن مصالح الركيز بعد أن رأت أن نائبا لا يقوى على طرح النقاط على حروف مشاكل منتخبيه .. ربما لفهم أوتيه.. أو رؤية –خصه الله بها- لأسلوب من النضال تقوم على عدم إزعاج النظام بمشاكل مقاطعة عرف أهلها بالترفع والقناعة بالقليل..
السيدة "اماه بنت سمت" لقد أجلستك على كرسي "النائب الثالث لمقاطعة الركيز" ما جلس عليه غيرك من قبل.. أنت التي تحملين في شكلك وصوتك ملامح مقاطعة الركيز.. وأنا هنا أدعو إلى أن نجدد لك البيعة، وأدعوك أن تحتفظي بهذا المقعد الذي أصر البرلماني الحالي على أن يمرر القانون الذي حرم المقاطعة حقها في الحصول عليه.. بل وأراها فكرة رائدة أن تحصل كل مقاطعة أو جماعة على "نائب في الظل" يساند ويدعم النواب الذين يصلون إلى مقاعد البرلمان عبر الانتخابات.. في قالب ثم.. -وتحت وطأة العسكر- يتنقلون من قالب المعارضة إلى تابوت الموالاة.. أو العكس.. عندها لن يفتقر الشعب إلى من يستطيع طرح مشاكله بكل شفافية وصراحة.. بعيدا عن المجاملة والكبرياء.. بل وسيكون صوت "نائب الظل" أندى وأقر للعين.. محمد عبد الله ولد فتى |