الأغلبية في موريتانيا.. تكثر عند الطمع وتقل عند الفزع
الأحد, 21 أكتوبر 2012 11:02

 

لا أحد في موريتانيا اليوم، معارضا أو مواليا أو مستقلا، يمكن أن يجد تفسيرا منطقيا، ولا حتى غير منطقي، لتواري أغلبية الرئيس محمد ولد عبد العزيز وأقاربه عن الأنظار طيلة الفترة الحرجة التي أعقبت تعرضه لطلق ناري في ظروف لم تتضح بعد.

إن تجربة الأغلبية المؤيدة لكافة الأنظمة المتعاقبة على حكم البلد في انتهاج سياسة النعامة التي تدفن رأسها في الرمال كلما شعرت بالخطر ليست وليدة اللحظة، فلقد لاذوا بالصمت حينما تعرض نظام رئيسهم الأسبق معاوية ولد الطائع للخطر غداة ال 08 يونيو 2003، لحين انقشاع غبار المحاولة لانقلابية، عملا بمقتضى "لكل مقام مقال".

وعندما فشلت المحاولة خرجت الموالاة من جحورها كالفئران الجائعة لتنظم مسيرات الدعم والتأييد والمساندة للرئيس معاوية، غير أنهم وبعد سنتين وجدوا الفرصة سانحة للتنكر للرئيس ودعم الانقلاب على نظامه في ال 03 أغسطس 2005، فقط لأن الانقلاب كان ناجحا هذه المرة، ليبدأ المؤيدون السابقون لنظام (قائد الامة ومفجر الطاقات ومنشئ مشروع دومسات، ومحرر المرأة، ومنير المدن، وجالب الإنترنيت)، في صب جام غضبهم على معاوية ونظامه الذي كانوا أركانه وقادة حزبه ومسكي زمام جماهيره.

لذلك فإن معاودتهم لذات الموقف مع ولد عبد العزيز لم تفاجئ أحدا، لكن أحدا لم يتوقعها بهذا الشكل ما دام الرئيس سالما معافى وممسكا بتقاليد السلطة، كما يقال.

لقد دفنت الأغلبية رئيسها سياسيا، وفضلت انتظار ما سيسفر عنه علاجه في باريس لتقرر أي السبيلين ستسلك، تأييد عودته للرئاسة، أم تأييد مغادرته لها إلى غير رجعة.

لم تجد الاغلبية في الموقف المشرف الذي اتخذه قادة منسقية المعارضة، بتوقيف كافة النشاطات، والتمني للرئيس بالشفاء، مبررا كافيا للعودة إلى مربعها الاول، ومن ذلك يرى بعض المراقبين أن إصابة الرئيس ربما صادفت هوى في نفوس الموالين.

لقد بدا سياسيو الأغلبية ورجال أعمالها والحكومة، وحتى أقارب الرئيس، منذ اللحظة الاولى لانتشار خبر إصابته إلى حين دخول الخبر أسبوعه الثاني، وكأن على رؤوسهم طير ترميهم بحجارة وقاحة ونذالة أفرغت وجوههم من مياه الحياء من الرأي العام الذي أزعجوه بمديح النظام وتأليهه وتقديسه، حتى إذا وجد رأس النظام نفسه في حاجة ماسة لمؤازرتهم ووقوفهم إلى جانبه، لم يجدهم شيئا كسراب يحسبه الظمآن ماء.

ولم يكن أقارب الرئيس أحسن رد فعل من الأغلبية المراوغة المنتظرة لانقشاع الغيوم التي تلبد حقيقة الوضع الصحي للرئيس، رغم أن بعضهم استفاد من ولد عبد العزيز سياسيا واقتصاديا، فلم يجد منهم ولا من أغلبيته الموروثة عن الفترة لانتقالية الأولى ولو مجرد مقال مساند ينشر في وسيلة إعلام رسمية أو مستقلة.

فمتى يدرك رؤساء موريتانيا أنهم يعتمدون على أغلبية تكثر عند الطمع وتقل عند الفزع، تدعمهم وتدافع عنهم في عز قوتهم، وتتخلى عنهم وتدينهم بمجرد طلوع شمس أول يوم يقضونه خارج القصر الرئاسي. 

 نقلا عن يومية السفير

الأغلبية في موريتانيا.. تكثر عند الطمع وتقل عند الفزع

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox