رصاصة تلاحم الشعب |
الاثنين, 22 أكتوبر 2012 22:44 |
رصاصة تلاحم الشعب في سابقة من نوعها في تاريخ البلاد ، تعرض رئيس الجمهورية لحادثة إطلاق نار بالخطأ من طرف عناصر في الجيش في بلدة أطويلة على جبهة تأدية الواجب الوطني ، انطلاقا من يقظة وجاهزية قواتنا المسلحة في أداء مهامها النبيلة في ظل مخاطر جمة تحدق بالساحل الصحراوي عموما ومنطقة شمال إفريقيا خصوصا . على الرغم من تعدد الروايات والمصوغات التي صاغها هذا الجانب الرسمي أو ذاك الجانب المعادي أو حتى ذلك الجانب المحايد المتفرج ، فإنه يبقى من شبه المؤكد أن الرواية الصحيحة هي حادثة إطلاق نار صديقة دون أدنى وازع مهما كانت طبيعة وحساسية الظرفية التي اكتنفت العملية منذ بدايتها مطلع الأسبوع المنصرم وحتى سفر الرئيس خارج أرض الوطن لإتمام العلاج . فعلى الرغم من كثرة الشائعات وطقوس الدعاية الإعلامية ، فمن المؤكد تاريخيا أن المآسي والمحن كثيرا ما تكشف أعماق البشر على حقيقتها رغم علاتها ، فالشعب الموريتاني خرج من هذه الحادثة الأليمة متماسكا أكثر من أي وقت مضى ، وأظهر للعالم بأسره نضج طبقته السياسية ومرونة قادة رأيه ومفكريه ، وأكد من جهة أخرى مما لا مجال للشك فيه عن غياب الأطماع الانتهازية ، التي قلما استغلت فترة الأزمات لتنقلب على مشروع مجتمع شعب أراد له قائده المنتخب أن يسير بخطى ثابتة نحو المزيد من التقدم والازدهار . لقد توالت ردود الأفعال من المعارضة والموالاة وحتى فعاليات المجتمع المدني ، بما ولد الانطباع العام للرأي العام الوطني بالشيء الإيجابي حيال مجريات الأمور ، حيث أصدرت المعارضة الديمقراطية بيانات تتمنى الشفاء العاجل لرئيس الجمهورية ، بكل أطيافها بما فيها المعارضة الراديكالية ، وكل هذه المؤشرات تدل على صحة جسم الأمة الموريتانية المنيع وقت الأزمات وحصن إرادة الشعب كلما ألمت فاجعة كان التصدي لها بالإيمان الراسخ والعزيمة التي لا تلين في وجه الأطماع الضيقة التي تناثرت أمام صلابة وتماسك الكيان الموريتاني . في ظل هذا الموقف الشجاع ، يطرح الحادث بغض النظر عن مسألة القدر الإلهي المحتوم ، إشكالية مهمة للحيطة والحذر ، ألا وهي هشاشة القائمين على تسيير المؤسسات الدستورية ، حيث يكفي الشغور العابر لمنصب الرئيس أو غيابه لتختفي معالم النظام القائم . لقد وقفت الأمة بكل أطيافها قمة وقاعدة متعاطفة مع رئيس الجمهورية ومؤيدة له ومستنكرة الفعلة سواء كانت مدبرة أو غير ذلك منذ الوهلة الأولى ، وهي ردة فعل قلما يقال عنها أنها حضارية ووطنية بل إنسانية في أبعد من ذلك ، لأنها مواقف واقعية وموضوعية للشعب الموريتاني النبيل ، قضت على خلافاته السياسية والشخصية من أجل مصلحة البلد وأمنه واستقراره ، خصوصا في ظروف المحن التي نادرا ما ألمت بشعب أصيل ، لتعطي الانطباع الحقيقي على قدرة الشعب في التماسك والتلاحم ، ذلك أن المدنية تقتضي التضحية في وجه أي مؤامرة يراد لها أن تحاك في الظلام داخل جسمنا الواحد ، ومحاولة استغلال الظرفية الحساسة لإثارة النعرات والتشفي الذي هو مسألة غريبة على قيمنا وأخلاقنا ودخيلة على خصوصياتنا الحضارية . فموريتانيا اليوم مثل الأمس يحكمها نظام ديمقراطي ، مسير من طرف مؤسسات دستورية قائمة بذاتها ، انطلاقا من روح الدستور ومقتضيات القانون ، إلى أن يعود قائد الأمة من رحلة علاجه إن شاء الله وتستمر مسيرة التغيير البناء الذي أعلن عنها من مدينة انواذيبو عاصمة موريتانيا الجديدة . فالرجل على الرغم من انتقادات خصومه السياسيين وما يحاك ضده من علاة ، إلا أنه يبدو في وجه أكثر من مراقب رجل موريتانيا القوي الذي استطاع أن يفجر ثورة سابقة لأوانها في شبه المنطقة ، كما أن حصيلة الفترة الوجيزة من الانجازات والمشاريع المبرمجة ، تجعل منه رجل المرحلة وقائد البلاد المظفر بجملة من الخصائص الذاتية قادر من خلالها على دحر أعدائه وكسب ود مناصريه . بقلم:عبد الصمد ولد أمبارك |