رحلة في أجواء الخريف: دروس وعبر |
الاثنين, 29 أكتوبر 2012 10:07 |
ومتمسكا بتعاليم دينه السمحاء من إكرام للجار والرفق به، واستقبال للضيف والإحسان إليه، ونصرة للمظلوم ورفع الظلم عنه، والضرب بيد من حديد على الظالم ورده إلى جادة صوابه بتبيين الحق له من الباطل، ونشر روح التسامح والتآخي، والمساواة بين الناس حيث أنه لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى.وقد عرفت بلادنا السنة الماضية سنة صعبة، فبعد سنة من قساوة ظروف الحياة وانعدام المراعي، وقلة المياه مما تسبب في نفوق العديد من الحيوانات، وأنهك قوى وأتعب كاهل ملاكها، وأجهد منمينا سواء منهم من بقي على أرض الوطن ينتظر ويتنقل من مكان إلى آخر بحثا عن الماء والكلإ، وسواء من ذهب منهم في الإنتجاع بما بقي من مواشيه ـ على قيد الحياةـ إلى البلدان المجاورة وخاصة الجارتين السنغال ومالي، ومع ذلك كله فقد شهدت هذه الفترة الصعبة من تاريخ البلاد إتخاذ قرارات وخطوات جريئة ومفيدة من طرف القائمين على الشأن العام في البلد حيث تمثل ذلك في الخطة الإستعجالية المعروفة بخطة "أمل 2012" وذلك بغلاف مالي وصل إلى ما يناهز 45 مليار أوقية، وكانت لهذه الخطة انعكاسات إيجابية على الحياة اليومية للمواطنين وخاصة ما يتعلق منهم بالفئات الأقل دخلا والمهمشة في المجتمع حيث سمحت لهم هذه الخطة بإقتناء حاجياتهم الأساسية والضرورية من المواد الغذائية (السكر، الزيت، الأرز....) بأسعار منخفضة جدا وفي متناولهم هذا من جهة، ومن جهة ثانية مكنت المنمين من الحصول على علف الحيوانات وعلى مادة القمح بأسعار منخفضة هي الأخرى وفي عين المكان، وقد أسهمت هذه الخطة كذلك في امتصاص البطالة، وخاصة في صفوف الشباب وذلك من خلال اكتتاب العديد من حملة الشهادات العاطلين عن العمل .ومع قدوم موسم الخريف الجديد، وبداية التساقطات المطرية استبشر الجميع ـ من سكان المدن والأرياف ـ خيرا، حيث عرفت هذه الكميات المتساقطة تزايدا ملحوظا من حين لآخر وانتشارا واسعا على عموم التراب الوطني، فقد سجلت بعض المقاييس الجوية كميات مرتفعة تزيد أحيانا على المائة ملمتر في بعض الأماكن، وقد زاد إجمالي التساقطات المطرية في بعض المناطق على 600 ملم كمعدل سنوي لهذه التساقطات المطرية، وهي كميات معتبرة بالمقارنة مع السنوات القريبة الماضية حيث تراجعت هذه الكميات وبشكل كبير جدا. وكان لهذه الكميات المتساقطة لهذه السنة مالها من نتائج جد إيجابية حيث ارتسمت على أرض الوطن حلة رائعة تناغمت فيها مياه الأودية مع زغاريد الطيور، وأصوات العصافير، وأكتست الطبيعة ثوبها الجميل المخضر، من نباتات وأشجار من مختلف العينات والأصناف ومختلف الأحجام. والزائر لبعض هذه المناطق يلاحظ بأم عينيه تجددا ملحوظا للغطاء النباتي عموما، حيث أن بعض المساحات التي كانت جرداء لحد قريب ومنعدمة الأشجار منذ عدة سنوات ظهرت فيها نباتات جديدة وبشكل مكثف مشكلة أحزمة رائعة أحيانا حول الهضاب، وأحيانا أخرى مشكلة أحزمة جميلة أخرى على مشارف السهول وأسطح الجبال، وقد عادت المياه لمجاريها الطبيعية فعادت الحياة وازداد الأمل، وزال الخوف، وأثلجت الصدور، فأصبح الجميع في فرح ومرح في جو تطبعه السعادة والسكينة والرخاء. ويمتاز وطننا الحبيب ولله الحمد بالمناظر الطبيعية الجميلة والسياحية الجذابة من سهول وأودية وجبال وكثبان رملية رائعة، وعيون جارية لا تتوقف على مدى العام من على أسطح الجبال، وهذه دعوة من هنا من على هذا المنبر الحر والمحترم للجميع وطنيين كانوا أم أجانب إلى زيارة هذا البلد الآمن ولله الحمد، والمضياف بشعبه الكريم، والمعطاء بخيراته الوافرة، وبمختلف مناطقه الجميلة حيث أن كل منطقة منه تنسيك في الأخرى، فلا تفتكم هذه الفرصة.ومع أن الرحلات في أجواء الخريف تكون في أغلبها رحلات استجمام واستكشاف، والتعرف على الآخر على عاداته وتقاليده وكيفية التواصل معه، إلا أنها مع ذلك فرصة تزودنا بدروس وعبر يجب أن لا نهملها ومن هذه الدروس والعبر :ـ نظرا لكميات الأمطار المتساقطة في هذه السنة وبعد سنة من الجفاف، فمن الضروري توفير الناموسيات المشبعة، وتقريب الخدمة الصحية من المواطنين، وتوفير الأدوية اللازمة لمكافحة حمى الملاريا في الوقت المناسب.ـ تقريب الخدمة البيطرية كذلك من المنمين لحماية مواشيهم وتلقيحها كلما دعت الضرورة لذلك.ـ أهمية المحافظة على الغطاء النباتي من القطع ومن الحرائق.ـ تشييد الطرق الواقية من الحرائق.ـ وضع عقوبات رادعة لكل من يقوم بقطع الأشجار أو حرقها.ـ ضرورة تشديد الرقابة وعدم التساهل من طرف القطاع المكلف بالبيئة.ـ تشجيع المنتوج الزراعي وحمايته.ـ مكافحة الآفات الزراعية من الطيور وغيرها.ـ التصدي للجراد المهاجر وإبادته على الحدود ومنعه من دخول الأراضي الوطنية.وعلى جميع المواطنين توخي الحظر، وتحمل المسؤولية كاملة في محافظتهم على ما أنعم الله عليهم به من خيراته في هذه السنة الخريفية الجميلة، وعندها نكون جميعا قد أسهمنا في بناء وطننا والمحافظة عليه |