الخلل الكبير بقلم سيدي محمود ولد الصغير
خلل كبير في بنية النظام الموريتاني وأدائه ؛ ذاك الذي أبانت عنه أزمة الحكم التي تطحن رحاها بلادنا المسكينة منذ أسبوعين كاملين ، تجلى في العديد من المظاهر ، لعل أهمها :
هنا العسكر
فمنذ اللحظات الأولى للحادثة ، وفور إصابة الرئيس أميط اللثام عن الحكام الحقيقيين للبلد فورث قائد الأركان وأصحابه البلد كلالة لقيام موانع "الوصية"
"والإرث "بين الرئيس الجنرال والوزير الأول المدني الذي ربما تعذرت عليه مقابلة الرئيس في وضعه الصحي الذي لا يسمح فيه بدخول غير العصبة الأقربين!
لا يهم العسكريين غير ضبط الأمن ومراقبة حركة السلاح والتسمع إلى خشخشة النعال الخشنة في المسالك والدروب التي قد يؤثر السير فيها على بريق النياشين ، وليذهب المدنيون إلى الجحيم ولتأكل قلوبهم الأسئلة الحائرة ، ذالك اختصاص الحكومة المدنية المعلقة حتى إشعار آخر..
وقد فشلت في أول محاولة تمت إتاحتها
فآذت وأحرجت ومن ثم تم الاستغناء عن خدماتها ..وعلى الجيش : " نحت قصة جديدة من معادنها ، وليس عليه إذا لم يفهم " البشر" !
"وانتهت الرئاسة "
وخلل آخر كبير وصارخ ، هو احتراق الخط الفاصل بين السيد عزيز كرئيس للجمهورية الإسلامية الموريتانية تمنحه مكانته الدستورية الرتبة الأولى من حيث الأهمية قانونيا ومصلحيا و يرتبط به مصير بلد بأكمله ، وبين عزيز كمريض موريتاني – نرجو له الشفاء - جراء رصاصة مجهولة السبب
إن الاعتبار الأول يجعل صحة الرئيس قضية بلد وأمة ليس الاهتمام بها والرغبة في الاطلاع عليها من باب الفضول وإنما هو ضرورة وحق لكل مواطن موريتاني ، وقد اصطدم هذا الاعتبار الحاضر بقوة لدى الشعب الموريتاني باعتبار آخر – لدى المقربين من الرئيس - يرى أن حالته هي شأن خاص نتجت عن " شأن خاص " ومن ثم ينبغي أن تظل بعيدة - في صورتها الحقيقية -عن التداول ، وليتلَه َّالناس بما شاءوا- أو شيء لهم - من الحكايات والشائعات
لا بأس فالمثل الشعبي يقول " الموت اف عشرة انزاهة " أما هنا ففي ملايين ، حتى الوزراء ورجالات الدولة الكبار ليست لديهم معرفة بحقيقة ما جرى ولا بوضع الرئيس في الوقت الحالي ، إلا ما يؤكده بعضهم في دوائر خاصة من أن ما حصل تم في أضيق نطاق بحيث لا يكاد يعرفه غير الرئيس وهو ما ينفي بضمنية شبيهة جداً بالتصريح ما يسمى الرواية الرسمية ، التي تثير ضحك بعض ذوي الأحلام!
وما ذا بعد
لقد استأثرت الدائرة القرابية الضيقة بإدارة مرض الرئيس وأبعدت من سواها في ظل تفريط واضح ومجاملة مكشوفة من القائمين على شأن البلد بحكم " الأمر الواقع "
فحجبت المعلومات الصحيحة المتعلقة بوضع الرئيس الصحي – عن الشعب، وقُضي على الاعتبار الأول ؛ ليس كرها له بالطبع ، بل حرصا عليه ، ولكن ذالك التكتم وضع البلد في حالة من فوضى الشائعات وترقب المجهول ، ما كان لها أن تتم ! وفي شيء من الشفافية عنها مندوحة مع أن فيها– إلى ذالك- من إعطاء الانطباع عن تدهور الوضع الصحي للمعنيِّ من جهة، وعدم لائقية قصة حادثه للكشف من جهة أخرى ما يضرب مركزه الرئاسي في الصميم ، ويبرهن على أن إدارة الدولة بطريقة " اجحدان البدوي " في عصر السماوات المفتوحة خطأ مؤسف..!
والآن وقد أزفت ساعة الحقيقة – مع سلامة الرئيس وشفائه كما نرجو ونتمنى - بعد أسبوعين من التعتيم هل سيستوعب العسكر أن عليهم التخلص من تبعات حيازة السلطة بطريقة غير شرعية فيبغون إلى الأساليب الدستورية سبيلا أم أن تلك " دندنةُ " ليس لهم إلى فهمها سبيل وإنما هو الانقلاب وأهونْ به لديهم ما دام سيكون انقلابا على مجرد إجراءات دستورية ؟!!
وهل سيجدون من يبارك لهم ذالك من الطيف السياسي إن قرروه ؟ويعود سيزيف لصخرته اللعينة من جديد ؟! تعليق أخير أكتفي هنا بإعادة نشر تدوينة شعرية كتبتها اليوم بصفحتي الشخصية على الفيسبوك تعليقا على الطريقة الإعلامية التي أديرت بها قضية مرض الرئيس شفاه الله ، عنونتها ب " خوار بلا رمق " ! مصادر الخبر المكذوب تحترق ***كالعاشقين على آثار من عشقوا والخائفين على الأوطان طاف بها ***من يانع الرعب ما يزهو به القلق أكلما سأل المحزون عن وطن ***له من الحب في أحشائه نفق صاغوا من الحلي زورا في مجامعهم ***عجلا يخور : كيانا خانه الرمق لو تكذبون إلى الأسحار إن لكم *** فجرا على حافة الإشراق ينفلق ! مع صادق الرجاء بشفاء الرئيس وتحرر البلاد من قبضة العسكر .
|