موسم الأراجيف
الأحد, 04 نوفمبر 2012 15:37

 

من المتعارف عليه أن المحن تذهب الإحن وأن الشماتة أثناءها بالخصوم خلق عن منهج الشرع مفصوم فما من أحد إلا  وللدهر عليه سطوة ولكل جواد كبوة وحواضر الأيام وخواليها بمثل هذا شاهدة وخير فعال المرء ما يترك به بصمته على التاريخ ويبقي به خاتَمه الأرض.

وآثار الرجال إذا تناهت    إلى التاريخ خير الحاكمينا

من الوارد أن يقاس نضج الشعوب بمستوى تلاحمها في حوادث الفجأة وغير بعيد عنا جغرافيا وتاريخيا ما عاشته حكومة أوروبية من فترة طويلة دون حكومة ولم تتعطل مصلحة لأحد ولم يقل قائل بضرورة الانتقال حتى لمرحلة انتقالية. ولم يتحدث مذعور أو مهووس بساعة من سلطان عن شغور في أعلى منصب بالدولة بل لم تنشغل  أقلام الكُتاب إلا بتقريب وجهات النظر واقتراح الحلول الجذرية فكان الإعلام المستقل عونا للمجتمع وظهيرا للخصوم السياسيين وهاديا للحيارى في تسديد اختلالاتهم القائمة.

صحيح أن رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية محمد ول عبد العزيز أصابته رصاصات نُقل بعدها للعلاج في عاصمته ثم سافر لاستكمال علاجه إلى فرنسا.

ثابت أن أجهزة الحكومة قامت بما تراه ضرورة تمليها المواثيق والعهود وتقتضيها الأخلاق العامة فصارحت الجمهور الكريم بالنبأ أولا، ثم تتابعت التفاصيل.

غير أن هذا السلوك المتحضر والفعل الراقي لم يصادف هوى المرجفين الذين كانوا يلفقون أخبار السوء وينشرونها فحق عليهم الوعيد الوارد في آية الأحزاب فالإرجاف كما يقول ابْنُ عَبَّاسٍ: "الْتِمَاسُ الْفِتْنَةِ، وإِشَاعَةُ الْكَذِبِ وَالْبَاطِل لِلِاغْتِمَامِ" وَالْإِرْجَافُ: إِشَاعَةُ الْأَخْبَارِ. وَفِيهِ مَعْنَى كَوْنِ الْأَخْبَارِ كَاذِبَةً أَوْ مُسِيئَةً لِأَصْحَابِهَا يُعِيدُونَهَا فِي الْمَجَالِسِ لِيَطْمَئِنَّ السَّامِعُونَ لَهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بِأَنَّهَا صَادِقَةٌ لِأَنَّ الْإِشَاعَةَ إِنَّمَا تُقْصَدُ لِلتَّرْوِيجِ  بِشَيْءٍ غَيْرِ وَاقِعٍ أَوْ مِمَّا لَا يُصَدَّقُ بِهِ لِاشْتِقَاقِ ذَلِكَ مِنَ الرَّجْفِ وَالرَّجَفَانِ وَهُوَ الِاضْطِرَابُ وَالتَّزَلْزُلُ. فَالْمُرْجِفُونَ يَتَلَقَّوْنَ الْأَخْبَارَ فَيُحَدِّثُونَ بهَا فِي مجَالِس وَنَوَادٍ وَيُخْبِرُونَ بِهَا مَنْ يَسْأَلُ وَمَنْ لَا يَسْأَلُ؛فما هم إلا قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَنْطِقُونَ بِالْأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ حُبًّا لِلْفِتْنَةِ، يصنعون الشائعات المسمومة، ويطلقون الأباطيل المصطنعة، ليشغلوا الناس بها، ويفسدوا عليهم حياتهم.

ومن غريب ما حدث في الأسبوعين الأخيرين أن أناسا بعينهم سخروا ما لهم من طاقة في صناعة الشائعات المربكة لأجهزة الدولة وعامة الشعب معتمدين على مصادر تدعي الاطلاع تارة وجهات تكلمت هاتفيا وأخرى فضلت عدم الكشف عن اسمها  وحينا تستمد معلوماتها من شخصيات في الأغلبية وآونة ينزل عليها الوحي من سماء المنسقية بانقلاب يجري تنفيذه واستدعاءات لكبار الضباط ومنع لمسئولين رفيعين من الجهاز  الإداري عن السفر

تخرصا وأحاديثا ملفقة. . . ليست بنبع إذا عدت ولا غرب

وختاما لهذه الملاحظات نريد أن نسأل الأسئلة الآتية:

1-    ما ذا كانت تلك المواقع فاعلة لو أن الرئيس لم يتحدث للجمهور ويعرب بنفسه عن الواقعة؟

2-    أما يشعر القائمون على تلك الصحف بالحرج بعد حديث رئيس الجمعية الوطنية ونقله لما دار بينه وبين السيد رئيس الجمهورية من نقاش وتبادل للأفكار واستذكار للماضي؟

3-    أيجهل مُسيِّرو تلك الأجهزة الإعلامية أن الملف الصحي لأبسط مريض محميٌ بموجب القانون وأن الاطلاع على تفاصيله أمر محظور؟ فما بالهم برئيس الجمهورية.

4-     أيجهل أولئك المرجفون أنه لم تنجح ثورة ببث الأكاذيب ولم يصلح شأن مجتمع من المجتمعات بإعلام لا يقيم وزنا للصدق واحترام الآخر؟

5-    إذا كان مربكو المجتمع يعلمون أن الاعتراف بالخطيئة من سنن الإسلام فهل يعرفون أن الاعتذار عنها فضيلة وخلق حميد يمارسه أهل الجراءة؟

المستشار/ حبيب الله ول ما يأبى

انواكشوط

2012-11-04

موسم الأراجيف

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox