افتتاحية السراج .. حرية لا تحريض
الخميس, 07 فبراير 2013 10:57

 

تلقى الناس باستغراب وحيرة وتساؤل عن السياق والدوافع بيان المنظمات الحقوقية المنتقد " للتشدد والتطرف"  المهاجم لفكرة السلفية وتياراتها المالكية المغاربية أو المشرقية والوهابية   المنتقد للحجاب والمقترح للرقص وسيلة لمواجهة التطرف

.ولقد حملت لغة البيان من خطاب التخوين والتحريض ما لا يتوقع صدوره من حقوقي يؤمن بالحرية، أو يعلن إيمانه، بها، ولو أن البيان صدر بتوقيع  من فرنسا، لكان من خير ما تستند إليه في حربها المفتوحة في مالي.

ولو أن البيان انتقد التشدد في التضييق على الناس في حرياتهم وأرزاقهم، وتفكيرهم، أو ممارسة العنف والإرهاب، لكان محل إجماع من الناس عامة، بغض النظر عن هوياتهم وانتماءاتهم السياسية.

ولقد حول البيان وصائغوه أنفسهم إلى شرطة على الفكر وحرس ضد الذوق والاختيار الذاتي في الملابس وألوانها والأفكار والدعوة إليها، ليضيقوا من الحرية ما أجمع عقلاء البشرية على توسيعه، وما اقتضى المنطق السليم أن التنميط فيه، لا يعدو أن يكون ديكتاتورية، مقيتة.

إن صراع الأفكار تدافع حضاري، ونقاش علمي ومطارحات يتسع فيها الخلاف ما اتسع عطن الفكر وما امتدت أساليب الحوار واتسعت مدارك النقاش، وليس تخوينا ولا تحريضا، فتلك أساليب أثبتت في الماضي فشلها، وأثبت الحاضر أنها لم تعد " موضة" على الأقل.

ومتى اتسعت الحرية للناس في رقصهم وغنائهم وسائر ميادين اللهو والطرب والجد والاجتهاد، لم يكن لها أن تضيق عن اختياراتهم في الملابس وألوانها، وأشكالها، والأفكار والدعوة إليها، فذلك حق مصون، أسسه المبدأ الخالد أن " لاإكراه في الدين" أفيكون في الأذواق إكراه وتنميط.

 ثم إن في المجتمع الموريتاني من معالم الغبن الحقوقي والفساد والفقر والتهميش ما يبنغي أن يشغل الحقوقيين، بدل إشعال الحرائق في طريق التقدم والحداثة والمساواة.

ولن يكون التنقيص، أو التهجم على ما يحظى من الدين باعتبار، ومن الناس بتمجيد وإكبار وقداسة، سبيلا لتحقيق الحرية، كما أنه ليس معيارا للتقدمية والحداثة، ولقد أثبتت التجربة اللائكية، ودعوات التطرف اليساري أن العلمانية لم تكن في الماضي سندا للحرية، وأثبت الحاضر أنها ليست شرطا في الديمقراطية، فمن شاء فليستبن طريق الحقوق، فهي ولاء للدين والوطن لا تحريض ولا عقوق.

افتتاحية السراج .. حرية لا تحريض

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox