لا يكاد يمر يوم دون تظاهرات أمام القصر بعضها لمظالم الغبن في توزيع القطع الأرضية وبعضها لمسلوبي الحق في الحصول على فرصة عمل وغيرهم من ضحايا الغلاء والعطش والجوع والبطالة.

لوحة قاتمة يرسمها هؤلاء لواقع مأساوي يتفاقم يوما بعد آخر.. وفي الوقت الذي لا يجدون فيه ردا على معاناتهم غير ترديد البعض للشعار البائد "ليس بالإمكان أفضل مما هو كائن".
شعار يقابل المرء في برامج الإذاعة والتلفزيون الحكوميين، ويصفعه في الندوات والملتقيات الرسمية، ويقرع مسامعه في الإدارات العمومية دون أن يكون لكل أثر في تحسين واقع الناس والارتقاء بأوضاعهم المادية والمعنوية..
اشتكى الناس من الأسعار فاكتووا بنار الضرائب والغرامات المجحفة والتي كان آخر تجلياتها ذلك الشلل التام الذي يصيب اليوم قطاع "ورش اللبن الإسمنتي" والذي أوصل أسعاره على مستويات غير مسبوقة!!
ضجت النقابات العمالية ضد نظام الجرنالية في شركات المعادن فأطلقت السلطات حملة مفتوحة لتشغيل مئات العقدويين في قطاعي التعليم والصحة!!
وطالب الناس بخدمة صحية لائقة ففوجئوا بتوسع فوضوي في المستوصفات العمومية أفقر القائم منها من طواقمه ومعداته وتركها خاوية على عروشها لا تمنح علاجا ولا تغني من مرض. الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود كما وصفها أحدهم..
وجار الموظفون مطالبين برواتب مجزية تحقق أدنى مستوى من العيش الكريم فكان الغلاء لهم بالمرصاد، غلاء لم تخفف من نيرانه المتأججة دكاكين "أمل" بحصصها الهزيلة وتدخلاتها المحدودة رغم الميزانية الضخمة والمخصصات المدفوعة في تمويلها..
ولما بحت أصوات "المعطلين" من حملة الشهادات والذين انتظموا في نضالات باسم "أنا علمي" كرد على استهداف التخصصات الأدبية و"كواس حامل شهادة" جاءهم الرد بوجود العشرات من المتقاعدين في وظائف سامية ومناصب قيادية، وهو ما يمثل ظلما سافرا في حق هؤلاء "المعطلين" الذي كل جريرتهم أنهم تخرجوا في الوقت الخطأ، وتشوفوا إلى عدالة لم يظفروا منها سوى بمساواتهم مع غيرهم من متظاهر القصر في الظلم.
إن كانت المساواة في الظلم عدالة.