تقرير حال القدس من كانون ثانٍ/يناير حتى حزيران/يونيو 2012 |
الأربعاء, 01 أغسطس 2012 03:39 |
أصدرت إدارة الإعلام والمعلومات في مؤسسة القدس الدولية تقرير حال القدس عن النصف الأول من عام 2012. ويغطي التقرير التطورات في مدينة القدس في الفترة خلال الفترة من كانون ثانٍ/ يناير حتى حزيران/ يونيو 2012، وإلى جانب الملخص التنفيذي يتضمن التقرير مواضيع تفصيلية في عدة عناوين. ففي إطار الموقف الميداني في القدس يعرض التقرير أربعة مواضيع في إطار تطوّر مشروع التهويد الديني والثقافي تتناول الاقتحامات والاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى وسعي دولة الاحتلال الدؤوب إلى إنشاء مدينة يهودية تحت المسجد. كذلك يتناول مشروع تطوير الحوض المقدس الذي تسعى من خلاله دولة الاحتلال إلى بسط سيطرتها على المسجد الاقصى والبلدة القديمة، بالإضافة إلى احتفال "إسرائيل" بالذكرى الخامسة والأربعين لاحتلال القدس والاحتفالات بأسبوع الأنوار مع ما يعنيه ذلك من استمرار المحاولات الإسرائيلية لطمس هوية القدس العربية والإسلامية. وفي إطار تطوّر مشروع التهويد الديموغرافي، يتناول التقرير ابرز المشاريع الاستيطانية في هذه الفترة إلى جانب الانتهاكات الإسرائيلية لحق المقدسيين في السكن والإقامة والتمييز الذي تمارسه بحق غير اليهود ومنهم الأرمن. أيضًا في إطار مشروع التهويد الديموغرافي بحثٌ في المخطط الإسرائيلي لنقل إدارة الأحياء العربية خارج الجدار إلى الجيش ودلالات ذلك إلى جانب القرار الذي أقره برلمان الاحتلال في بداية العام لجهة الزيادة على ضريبة الأرنونا. وفي إطار الموقف السياسي، يتناول التقرير جدلية الزيارة إلى القدس ومسيرات القدس العالمية التي انطلقت في يوم الأرض للتأكيد على التمسك بالحقوق والمقاومة حتى التحرير ليختم بالكلام على استمرار الانتهاك الإسرائيلي للقانون الدولي في قضية نواب القدس ووزيرها السابق. التقرير متوفر للتحميل المجاني. اضغط هنا لتحميل التقرير كاملاً بنسخة word اضغط هنا لتحميل التقرير كاملاً بنسخة pdf لمشاهدة وتحميل النسخة باللغة الفرنسية يرجى الضغط هنـا
الملخص التنفيذي
لم تهدأ وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى من حفريات تحت الأرض واقتحامات للمسجد واعتداءات على المصلين وذلك طيلة الستة أشهر التي يغطيها التقرير. وكان لافتًا إقدام السلطات الإسرائيلية على زرع كاميرات مراقبة إضافية تكشف ساحات المسجد الداخلية وما حوله بالإضافة إلى معاودتها السماح لجنودها الدخول إلى المسجد الأقصى والتجول في ساحاته بالملابس العسكرية. كما صادقت سلطات الاحتلال على ميزانية قدرها أربعة ملايين شيكل (حوالي مليون دولار)، لإقامة مركز تهويدي جديد في جوف الأرض، جنوب الأقصى. ويأتي المركز ضمن مخطط إقامة سبعة أبنية تهويدية تلمودية حول المسجد الأقصى تحت مسمى "مرافق المعبد"، حيث تجري حفريات واسعة في الموقع وجواره كجزء من التهيئة لبناء المتحف التهويدي، وكذلك في المنطقة المقابلة التي سيرتبط بها. كذلك لم تخفت الدعوات الإسرائيلية إلى هدم المسجد الأقصى المبارك والشروع في بناء المعبد المزعوم وذلك دون التفات إلى ردود الفعل السياسية أو العالمية، حسبما جاء على لسان عضو برلمان الاحتلال، أرييه إلداد، من حزب الاتحاد الوطني. كذلك شهدت الفترة التي يغطيها التقرير زيادة في البناء الاستيطاني في إطارالسعي الإسرائيلي إلى فرض الحقائق على الأرض وذلك في فترة تسبق الانتخابات التشريعية كما قالت رئيسة مراقبة البناء الاستيطاني في حركة "السلام الآن"، حجيت عفران. وقد صادقت السلطات الإسرائيلية في هذه الفترة على بناء وحدات استيطانية جديدة كما أعلنت عن مخططات لتوسيع مستوطنتي "جيلو" و"نوف صهيون". من جهة أخرى، صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتنظيم والبناء في القدس على مخطط لبناء 1100 وحدة سكنية وغرف فندقية في مستوطنة "جفعات حماتوس" الواقعة خلف الخط الأخضر بين بلدة بيت صفافا وشارع الخليل ومستوطنة "جيلو" جنوب مدينة القدس. وكان لافتًا تبني مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في آذار/مارس، إنشاء لجنة لتقصي الحقائق بشأن الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين، لا سيّما فيما يتعلق بالاستيطان، وأثرها على حياة الفلسطينيين. وبصرف النظر عن الموقف الإسرائيلي الرافض للتعاون مع التحقيق، فإن اللجنة المؤلفة من ثلاثة أعضاء يفترض أن تقدم تقريرها حول الاستيطان ليناقش في آذار/مارس 2013. برز إلى جانب ذلك، وفي إطارالتهويد الديني والثقافي، مجموعة من الإجراءات الواقعة في إطار تنفيذ ما يعرف بمشروع الحوض المقدس الرامي إلى بسط سلطات الاحتلال سيطرتها على المسجد الأقصى والبلدة القديمة. فقد أقدمت سلطات الاحتلال، عبر أذرعها التنفيذية، على زرع آلاف القبور اليهودية الوهمية حول المسجد الأقصى والبلدة القديمة بالقدس لتزوير التاريخ عبر الادعاء أن القبور كانت ليهود عاشوا وماتوا في المكان قبل آلاف السنين. وفي سياق متصل، ناقشت اللجنة الوزارية في حكومة الاحتلال مشروع قانون مقدمًا من 20 نائبًا ينتمون إلى أحزاب يمينية يقترح إنشاء سلطة جبل الزيتون واعتبار الجبل "المقبرة اليهودية" الأولى في العالم و"مكانًا قوميًا وتاريخيًا لليهود". كذلك قررت محكمة إسرائيلية إجلاء عائلات فلسطينية من مبنى قديم في سلوان بهدف تحويله إلى كنيس يهودي. ويعتبر مشروع الحوض المقدس من أخطر المشاريع التهويدية إذ إن أهدافه لا تقتصر على مصادرة الأراضي والسيطرة عليها بل تتعدى ذلك إلى مصادرة الهوية العربية والإسلامية للبلدة القديمة واستكمال مشاريع الاستيطان الهادفة إلى ربط البؤر الاستيطانية في البلدة القديمة بالمستوطنات الإسرائيلية حول القدس. وفي إطار الاحتفال بالذكرى الخامسة والأربعين لـ"توحيد القدس"، أقيم في محيط الأقصى والبلدة القديمة مهرجان أسبوع الأنوار الذي استمر من 6 إلى 14 حزيران/يونيو. وكان من أبرز المظاهر الاحتفالية قبة شبيهة بقبة الصخرة المشرفة نُصبت عند باب الخليل، مليئة بالإضاءة والألوان والزخارف وبداخلها موسيقى صاخبة فيما رقص بداخلها أعداد كبيرة من اليهود. ويعتبر هذا المهرجان أحد الطرق التي يتوسلها الاحتلال لتهويد المدينة عبر الفن والثقافة ما يدعو إلى وجوب إبداء حرص أكبر حيال هكذا مهرجانات لتجنب المشاركة بها والتساوق معها. وعلى مستوى الخطاب السياسي، أكد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أن "إسرائيل" بلا القدس كجسد بلا قلب وأن قدسًا مقسمة تعني قلبًا ضعيفًا. كلام نتنياهو هذا جاء في معرض الاحتفال باحتلال القدس وإعلانها عاصمة لـ"إسرائيل". تناغم مع خطاب نتنياهو وتصريحاته معظم المواقف السياسية الإسرائيلية كما ظهرت على لسان رئيس برلمان الاحتلال ورئيسة المعارضة في البرلمان إضافة إلى تصريحات رئيس بلدية الاحتلال في القدس. غير أن إيهود أولمرت بدا مغردًا خارج السرب عندما صرح بأنه على قادة "إسرائيل" التنازل عن أجزاء واسعة من القدس المحتلة للسلطة الفلسطينية إن كانت لديهم رغبة حقيقية في السلام. وإذا حيدنا موقف أولمرت، فإن التوجه العام في "إسرائيل" هو التشبث بالقدس عاصمة موحدة للشعب اليهودي ورفض التخلي عن المسجد الأقصى والأحياء العربية سعيًا إلى تثبيت السيادة والهوية. وليس بعيدًا عن هذا السعي لتوحيد هوية المدينة والتفرد بها، أعلنت بلدية الاحتلال في أيار/مايو عن مخطط بناء جديد تحت مسمى "مركز تجاري وموقف خاص" على أراضٍ تابعة لدير الأرمن في البلدة القديمة في القدس وأصدرت قرارًا يقضي بمنع الأرمن من استخدام الموقف القديم الذي تعود أرضه لدير الأرمن. وقد أثار هذا القرار موجة غضب بين سكان دير الأرمن الذين تظاهروا ضد قرار إغلاق الموقف ومنعهم من ركن سياراتهم فيه. ويثير هذا المخطط، ومعه القرار بمنع الأرمن من استخدام الموقف المقام أصلاً على أرض يملكونها، قضية التمييز الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق غير اليهود والمحاولات التي تبذلها للتضييق عليهم لجعل ظروفهم الحياتية صعبة إلى حد دفعهم إلى الرحيل. على صعيد آخر، استمرت السياسات الإسرائيلية الرامية إلى التضييق على المقدسيين وفرض ظروف معيشية صعبة عليهم. وفي هذا السياق، أقر برلمان الاحتلال في كانون ثانٍ/يناير الزيادة على ضريبة الأرنونا (المسقفات) التي كانت قد تمت مناقشتها في تشرين ثانٍ/نوفمبر 2011. واستنادًا إلى هذا القرار، تطبق الزيادة على الضريبة بواقع 3% ابتداءً من مطلع عام 2012. الأرنونا وسواها من الضرائب التي يفرضها الاحتلال تجعل المقدسيين يعيشون واقعًا معيشيًا واقتصاديًا صعبًا يعرضهم لسحب هوياتهم المقدسية نتيجة عجزهم عن دفع الضرائب المتراكمة. وفيما بدا استرجاعًا لطرح قدمه رئيس بلدية الاحتلال في القدس في كانون أول/ديسمبر يقضي بالتخلي عن أحياء فلسطينية عزلها جدار الفصل العنصري، كشف بيان صادر عن البلدية في كانون ثانٍ/يناير 2012، عن مخطط يهدف إلى نقل إدارة الأحياء العربية الواقعة خارج الجدار العازل، والتي تتبع إداريًا لبلدية الاحتلال، إلى الإدارة المدنية في الجيش والتي تدير الضفة الغربية الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي. ويأتي هذا المخطط كمحاولة للتغطية على المشكلة الأساسية التي تكمن في الجدار العازل الذي يقسم القدس ويفصل بين أحيائها كما يصب في إطار محاولات السيطرة الكاملة على القدس وإخراج أهلها منها. وفي خضم محاولات التهجير لم تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق المقدسيين ومنها حرية السكن والإقامة. وقد شملت الانتهاكات إصدار أوامر هدم وإخلاء منازل وإخطارات هدم تركزت في أحياء سلوان والعيسوية دون أن توفر سائر الأحياء المقدسية. ومن تفاصيل المشهد العام في هذا السياق قرار صادر عن محكمة البلدية حددت بموجبه نهاية شهر أيلول/سبتمبر القادم موعدًا نهائيًا لهدم 29 منزلاً من أصل 88 منزلاً مهددًا بالهدم يشكلون حي البستان، وذلك في حال عدم استصدار تراخيص بناء. ويقع هذا القرار في إطار سعي السلطات الإسرائيلية إلى السيطرة على كامل الحي تمهيدًا لإقامة حديقة توراتية في المكان تعرف باسم "حديقة الملك داود". وللتذكير، فإن "إسرائيل" تعمد إلى هدم المنازل تحت حجة البناء دون ترخيص ولكنها بالمقابل تجعل الحصول على الترخيص أمرًا أقرب إلى المُحال من خلال الرسوم المفروضة والإجراءات البيروقراطية التي ينبغي على المقدسيين السير بها وإتمامها. وإزاء هذا الواقع، بقي الدعم العربي والإسلامي للقدس خجولاً وفيما خلا افتتاح فندق في نيسان/أبريل قد يشكل خطوة نحو دعم القطاع السياحي في القدس، فإن مجمل الدعم كان "معنويًا" يراوح بين الدعوة إلى الدعم والتعهد به من جهات مختلفة بانتظار أن يتجسد ذلك تنفيذًا على الأرض. وفي ظل حمأة مشاريع التهويد والتغول الاستيطاني برز جدل أيقظته دعوة الرئيس الفلسطينيي، محمود عباس، العرب والمسلمين إلى زيارة القدس إذ إن في الزيارة دعمًا للسجين وليس تطبيعًا مع السجان، على حد قول عباس. وفي ظل الاصطفاف خلف رأيين أحدهما داعم للزيارة وآخر معارض لها، ينبغي الالتفات إلى أن أبواب الدعم مفتوحة أمام الجادين والحريصين على تعزيز صمود المدينة وأهلها وهي أبوابٌ متّفق عليها بين فئات الأمّة على اختلاف توجهاتها وتُحقّق فائدة أكبر من مجرّد الزيارة، وذلك عبر تقديم الدعم المادّي للمقدسيّين، وإنقاذ قطاعات الإسكان والتعليم والصحة وغيرها، ودعم ترميم وصيانة المسجد الأقصى، واتخاذ مواقف سياسيّة واضحةٍ لمقاطعة الاحتلال وداعميه في تهويد القدس، والضغط عليه لوقف الاستيطان والتهجير ومصادرة الأراضي والأملاك، وهو دعم أجدى وأنفع. وإلى المواقف السياسية، تجلى الموقف الشعبي الداعم للقدس في المسيرات التي انطلقت في الذكرى السادسة والثلاثين ليوم الأرض والتي قرر منظموها تكريس الفعاليات الداعمة لإعادة قضية القدس إلى دائرة الاهتمام العربي والعالمي. وقد انطلقت المسيرات العالمية للقدس في دول الطوق بمشاركة فلسطينية وعربية ودولية كما شهدت الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 مسيرات تضامنية أكدت على دعمها للقضية الفلسطينية ومركزية القدس بالنسبة لهذه القضية. وطالب المشاركون في المسيرات بوضع حد للقوانين العنصرية وبالسماح لهم بالدخول إلى القدس بالإضافة إلى حماية المقدسات وحق العودة للاجئين الفلسطينيين. وبقيت قضية نواب القدس ووزيرها السابق تراوح مكانها حيث يستمر إبعاد النواب والوزير السابق عن مدينتهم في انتهاك فاضح للأعراف والمواثيق الدولية. وبالتزامن مع الذكرى السنوية الثانية لقرار الإبعاد، شّدد النائب المبعد أحمد عطون أن قرار الإبعاد الذي اتخذ بحق النواب ووزير القدس بعد اعتقالهم، قرار سياسي بامتياز اتخذ على مرأى ومسمع كل المنظمات الحقوقية والدول التي تدعي زورًا وبهتانًا رعايتها وحمايتها لحقوق الإنسان.
|