ولد الوقف ربان حظيرة "عائد" إلى مربضه |
الأربعاء, 15 ديسمبر 2010 15:12 |
خاص السراج:بورتريهلم يتجشأ ولد الوقف شبعا من "الأرز الفاسد".. حتى يستحق غفران عزيز كما اشترط الثائر الجديد يومها.. لكنه دلف إلى القصر الرمادي من واحد من أبوابه الواسعة.. حين وضع قدمه في قاطرات أغلبية رئاسية لفظته أمواجها العاتية ذات مساء في غياهب السجون. وضع مهندس الإحصاء القادم من مدينة المجرية يده في يد الرجل الذي أزاحه عن سدة الحكم قبل سنتين ونيف، مشترطا عليه التخلي عن القوة لتغيير الحكم.. ولات حين اشتراط!!. شرْطُ عدم التغيير بالقوة شبيه بشرط الشبع من الأرز الفاسد. كلاهما تجاوز وقت استهلاكه!!. صافح ذات الأيدي التي وقعت ملتمسها بحجب الثقة عن حكومته، في سابقة وطنية، استعار لها الوزير الأول لاحقا اسم "كتيبة البرلمانيين". عين ثم أقيل، أو استقال، عين ثم أطيح به.. صعود هو طريق الهبوط وهبوط هو سلم صعود.. لتكشف الأزمة عن مناضل في أديم تكنوقراط.. عندما اختاره سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله .. رئيسا لحزب الأغلبية، كان تاريخ الرجل مثقلا بأكداس أوراق بيضاء وخضراء يقلبها أمناء التفلسة في الخطوط الجوية المورتيانية التي كان واحدا من شهود نزعها الأخير (2005-2006). ولم تسعفه البيئة النظيفة، أو التي يراد لها ذلك، لحوض آركين في التخلص من رائحة غاز البوتان، علقت به يوم غازلت أنفه عفونة ملفات شركة كادت هي الأخرى أن يزورها رفاق ولد حرمه، لولا تحليق طائرات الخطوط الجوية بعيدا.. أدار الخمسيني ذو البشرة الداكنة ملف الأغلبية بحنكة المجرب رغم جدته الظاهرة على حقل السياسة، جمع شتات أغلبية يشوب إيمانها برئيسه الكثير من الدخن، وتبوأ المقعد الأمامي في تشكيلتها الحزبية التي تشاءم معارضون بتسميتها "عودة" لرموز نظام معاوية ولد الطايع،، وتجاذب ولد "الواقف" يومها أطراف الحديث مع "ألين المعارضين عريكة" على التلفزيون الرسمي، فيما سيكون بداية للتقارب مع أحزاب "المعارضة المعتدلة". مصطلح سكه ولد الواقف لتقديم ضيفي الأغلبية الجديدين (تقدم، تواصل).
المقعد الأمامي للأغلبية، حزبيا، قاد إلى الكرسي الأمامي "المتزلزل" في الحكومة الثانية لولد الشيخ عبد الله، في مرحلة حملت عنوانا مسكوتا عنه، هو تقوية الرئيس، المشكوك في صلابته، بأبرز الحركات السياسية، في مواجهة مسكوت عنها، مع قوى مسكوت عنها!!.
لا تُعرف للوزير متوسط الطول "سوابق نضالية"، ولا نصاعة ماض تسييري مشرق، تؤهله لقيادة مبادرات سياسية ثقيلة الوزن، ومع ذلك فقد بدا قادرا على الإمساك بأكثر من خيط يشده أكثر من طرف،،، أيام تأسيس حاضنة الأغلبية التي شُرِّف بتوليفها.. بنشوة منتصر تقدم ليعلن انضمام اثنين من أحزاب المعارضة إلى تشكلته الحكومية، قرَّعه رئيساهما في حلقة حوار تلفزيونية، توقع الكثيرون أن يخرجها أشلاء، ليلة احتنكه اثنان من ألسن قادة السياسة في موريتانيا.. (مولود، جميل). وبنفس الخطا، وإن بمشاعر أقل سخونة، خرج يعلن خروجهما من الحكومة بعد قرابة الشهرين.. ثلاثة أشهر أمضاها ولد الوقف في الوزارة الأولى تكفلت بإصلاح اسم أبيه لدى الصحفيين بعد إصدار المكتب الإعلامي للوزير الأول مذكرة تحول بها والده من "الواقف" إلى "الوقف". مدة احتاج إلى "الوقوف" ضعفيها (تسعة أشهر) بالسجن المدني لتعديل في صورة نمطية تكرست عن تكنوقراط قذفت به الأقدار في أتون صراع على السلطة بين جيش يملك أغلب أوراق اللعبة،،، ومجموعات سياسية تملك أغلب شخوصها!!. ولد 1960 في المجرية بولاية تكانت. - تخرج مهندس إحصاء 1986، من المملكة المغربية. - عمل ببرنامج الغذاء العالمي 1989- 1999. - وعمل بوزارة الشؤون الاقتصادية والتنمية 1999- 2003. - مديرا لشركة سوماغاز 2003، ومديرا لحظيرة حوض آرغين، إلى 2004. - 2004- 2005 أمينا عاما لوزارة المياه والطاقة. - 2005- 2006 مديرا للخطوط الجوية الموريتانية. - 2007-2008 وزيرا أمينا عاما لرئاسة الجمهورية. - مايو- أغسطس، 2008 وزيرا أول. - رئيسا لحزب عادل من تأسيسه إلى اليوم. - أكتوبر 2008- يونيو 2009 معتقلا من طرف المجلس العسكري الحاكم. الألوان الباهتة في خلفية "السجين السياسي" بتهم الفساد، الطليق بكفالة مالية، لا تعين على التصنيف الحاسم لميوله الفكرية،، لكن المولعين بقراءة الألوان يومؤون إلى تلمذة قديمة لليسار سهلت، ضمن اعتبارات أخرى، كون ولد الوقف القنطرة التي عبر عليها الكادحون إلى صف سلطة ولد الشيخ عبد الله، وكان اليسار، (في الجبهة، ضمن رافعات أخرى) الجسر الذي جاز عليه الوزير الأول المنقلب عليه إلى صف كبار الساسة.. عاد ولد الوقف إلى مربضه بعد سنتين، ملتحقا بأغلبية حزبه التي هجرته أيام قيادتها الكتيبةَ المدنيةَ للمنقلبين على شرعية ولد الشيخ عبد الله،،، التحق يقود أقلية الأقلية، من حزب تبدد كأحلام مؤسسيه في قيادة مركب يغادره آهلوه كلما ظعن من قصر الرمادة ظاعن!!. يتحسس الربان السابق لشركة الخطوط الجوية مقود سيارته كل مساء وهو يذرع المسافة الفاصلة بين مقر الحزب ومنزله مقلبا النظر في مسيرة توليفة يعرف كيف اجتمعت عليه ذات مساء من سنة 2008، ويعي، إلى حد ما، سر صمودها بجانبه لبعض الوقت، لكنه موقن من عدم مواصلتها نفس الطريق إلى جواره،، يرى تقلب وجوهها في السماء،، إما أن يوليها القبلة التي ترضى،، وإما أن يجعل منفردا هذه البَنِيَّة منه بِظَهْرٍ"!!. سنة واحدة في ترويض طيور آركين لا تكفي لتعلم "الطيران ضد التيار" وطائرات الخطوط الجوية غير مصممة للتحليق في الأجواء المناخية الصعبة. ينتجع الحمام الزاجل، لكنه لا يهاجر.. الطيور تحن إلى أوكارها بانتظام.. هذه هي حكمة "الحظيرة" التي لم تفارق مديرها السابق،، احتاج ولد الوقف إلى وقت وفعل وسجن كي يغادر الأغلبية.. وشروط ومفاوضات واتفاقات ليعود إلى حضنها.. فمن هي القنطرة التي عبر عليها؟ وجسرَ من سيكون هو؟. تحتاج الجسور الطويلة، والمعلقة أحيانا، إلى "كفالة مالية" تُشَيِّدُها.. ربما أكثر مما يحتاجه المخرَجون من المعتقل في مفتتح تفاهمات غير محددة المصير!!. أما القناطر فتكلفتها تساوي ثمن العبور عليها أكثر من مرة فقط. القصر الآن بحاجة إلى "عداد متخصص ماهر" لإحصاء الأخطاء والمنجزات والأصوات،، وموهبة الإحصائي المتمرن لا تشبع نهمها للأرقام "أصوات معارضة" مشكوك في قدرتها على تجاوز العتبات الأولى في صناديق الاقتراع.. هنا، ربما، التقت الإرادتان. لو قدر لعزيز أن يكون ماكرا، بما يكفي، لوجه ولد الوقف إلى ولد محمد الأغظف، ليسلمه أوراق اعتماده سفيرا عن منسقية المعارضة، ولِيُضِف إليها "الملفات" التي رفض أن يسلمه إياها في الرابع عشر من شهر أغسطس 2008. اعداد: محمد عبد الله ولد لحبيب(ديدي) |