محمد خونه ولد هيداله : سطوة البدوي الجسور
الأحد, 28 نوفمبر 2010 00:26

في مكتب متواضع برئاسة الجمهورية،يمارس المقدم السابق والرئيس الأسبق لموريتانيا محمد خونه ولد هيداله مهامه مستشارا لرئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز. لقد مل النسر الصحراوي التحليق في سماء الرئاسة والبحث عن ’’الكرسي المفقود’’ فالزمن العنيد وحوادث السنين كل ذلك،أقنع الرئيس ولد هيدالة بظل دافئ،حيث يبصر نخلات القصر الرئاسي،ربما لو أتيح لحرف أبيات ولد أحمد يوره قليلا ليقول:

فمبلغ جهدي أن سلام عليكما

وليس المرأ في مبلغ الجهد

منتصف الثلاثينيات،التقط محمد خونه ولد هيدالة أولى صور الحياة في أقصى الشمال الموريتاني،وباكرا دخل المدرسة،كأحد أبناء النبلاء، درس في ثانوية كبلاني الفرنسية في روصو،قبل أن يحصل على الباكلوريا الرياضية، ليلحق بثانوية سان سير العسكرية في فرنسا،وليعود منها ضابطا عسكريا منضبطا محبا للحرب والفروسية والقتال.

شغل ولد هيدالة لفترة قليلة منصب المرافق العسكري للرئيس المختار ولد داداه،قبل أن يتم إبعاده إلى ’’جبهة القتال’’ ورغم جذوره الصحراوية الأصيلة،فقد واجه المقدم محمد خونه ولد هيدالة بقوة كتائب البوليساريو،وخاض عدة حروب شرسة،كان بحسب الجميع شجاعا وصبورا ..وضابطا وطنيا،لكن ولد هيدالة قرر العودة من جبهة القتال للإطاحة بالرئيس المختار ولد داداه،رفقة عدد من الضباط السامين.

وصل ولد هيدالة بعد الانقلاب في 10/ يوليو/1987 إلى قيادة أركان الجيش وبعد الإطاحة بالرئيس محمد المصطفى ولد محمد السالك،واصل قائد الأركان ووزير الدفاع هيدالة مسلسل الصعود، ومع هبوط طائرة العقيد أحمد ولد بوسيف في أعماق المحيط مخلفة أسئلة كثيرة،كان ولد هيدالة يحلق في سماء القرار السياسي،ليصل إلى الحكم نهاية 1979 باعتباره الرجل الأقوى..الذي أزاح أو أزاحت له ’’ الحوادث ’’ والأقدار أغلب منافسيه عن السلطة.

خلال سنواته الأربع في حكم البلاد اتخذ ولد هيداله قرارات جريئة،مثل قرار إلغاء الرق،وكذا الإصلاح الزراعي وإعلان تطبيق الشريعة الإسلامية،والصرامة الكاملة في تسيير المال العام،كما رفض بشكل قاطع التعامل مع المؤسسات النقدية الدولية، لكن فترة ولد هيدالة تميزت أيضا بقمع غير مسبوق للخصوم السياسيين،لقد ملأ السجون من القوميين العرب،فيما كان قاسيا جدا ضد ’’قادة الكوماندوز العسكري’’،حينما حكم عليهم بالإعدام الذي نفذ أيضا بكل قسوة،حتى في حق الضابط الجريح المصطفى ولد ابن المقداد الذي حمل من سريره في المستشفى إلى ساحة الإعدام.

حول ولد هيدالة كذلك الشعب الموريتاني إلى مخبرين من خلال إلزامية الانخراط في ’’هياكل تهذيب الجماهير’’

غادر ولد هيدالة السلطة على يد رئيس وزرائه معاوية ولد سيدي أحمد الطايع،إلى سجن عتيد مدة أربع سنوات، قبل أن يلتحق بأبله وصحرائه،فقد ظل الرئيس ولد هيداله حريصا على حياته البدوية،وحتى وهو رئيس للدولة،كانت نوقه ترعى داخل القصر الرئاسي.

لكنه عاد بعد ذلك إلى المشهد الرئاسي،مدفوعا من قوى سياسية متعددة،ضمت الإسلاميين واليساريين وغيرهم،لينافس الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع على كرسي الرئاسة في 2003،ليبدأ بعد ذلك رحلة أزمة مفتوحة،بعد أن اتهمه ولد الطايع بالمشاركة في محاولة انقلابية حملت اسم ’’اكراب رقم 1’’

ترشح ولد هيدالة لاحقا للرئاسيات في 2006 لكنه لم يحصل على نسبة مناسبة لدخول القصر الرئاسي،من بوابة الرئاسة، ليؤثر بعد ذلك دخوله مستشارا للرئيس محمد ولد عبد العزيز.

ولد هيدالة بدوي صارم وعسكري متمكن،يتميز بالصرامة المطلقة وبنزعة استبدادية،لكنه يتميز فوق ذلك برقة وخشوع، كان يبكي بمجرد أن يخاطبه أحد جنوده ’’سأشكوك إلى الله’’..ولد هيدالة أيضا نظيف اليد بشكل كامل...لايمكن لخصومه ولا لإصدقائه أن يتحدثوا عن أي فساد تورط فيه المقدم محمد خونه ولد هيدالة..وحتى راتبه المتواضع، لم يكن دليلا على أي ترف،لقد كان هنالك جزء من راتب الرئيس مخصص للصندوق الوطني لمكافحة آثار الجفاف،بينما كان جزء آخر مخصصا لوالد الرئيس،فيما تعيش أسره المقدم هيدالة على المتبقي.

وحتى عندما كان رفاقه يتسابقون إلى رفع رتبهم العسكرية ظل ولد هيدالة مصرا على الاحتفاظ برتبة مقدم،عكس ضباط آخرين.

ولد هيدالة ..من دون شك أحد الرؤساء الكبار في موريتانيا المعاصرة،وأحد الأسماء المؤثرة...في صناعة ما بعد المختار ولد داداه.

محمد خونه ولد هيداله : سطوة البدوي الجسور

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox