أعل ولد محمدفال : رجل الأمن المثير
الأحد, 28 نوفمبر 2010 00:39

altalt

لكي تكتشف بسرعة كم هو ’’ عظيم’’ اعل ولد محمد فال ما عليك إلا أن تغادر موريتانيا باتجاه إحدى العواصم العربية التي عششت فيها الديكتاتورية،حيث يعتبر اعل ولد محمد فال ’’ أحد المصلحين الكبار’’ والقادة التاريخيين.

 

المواطنون العرب غفروا لولد محمد فال مدة عشرين سنة من العمل الأمني الصارم تنفيذا لرغبات العقيد معاوية ولد الطايع،أدت إلى اعتقال المئات من السجناء وتشريد العشرات وبين هذا وذاك عشرات القتلى من الزنوج.

غير أن  السمعة التي يحظى بها ولد محمد فال بين المشارقة لا يجد نصفها الآن لمساعدته إلى ’’ العبور الآمن’’ إلى كرسي الرئاسة الذي تركه ’’ بطلا في عيون العرب’’ ومكرها  كما يؤكد منافسه وعدوه اللدود محمد ولد عبد العزيز الذي يؤكد أنه أيقظ ولد محمد فال ونصبه رئيسا على موريتانيا،ثم أخرجه مكرها وطوى بطاقته البيضاء التي حاول التشبث بها لإطالة أمد الفترة الانتقالية.

بين المشارقة والموريتانيين مسافة كبيرة للولوج إلى العالم الخاص لرجل أمن مثير،وسياسي محنك وإن كان غير مفوه.

ولد العقيد اعل ولد محمد فال  سنة 1953 في ضواحي نواكشوط قبل أن يغادر باكرا باتجاه مدينة اللوغة السنغالية التي كانت تضم عددا معتبرا من أبناء عمومة العقيد، وهناك حيث يدير والده متجرا صغيرا،عاش ولد محمد فال وكون ثقافته وتوجهه الإيديولوجي الذي طبع بملامح يسارية صارمة مزجت مع ثقافة افرنكفونية، جعلت نصيب الثقافة العربية ضئيلا جدا في اهتمامات الشاب العسكري، لكن ذلك لم يمنع ولد محمد فال من الانخراط لسنوات ضمن خلايا التيار البعثي في موريتانيا الذي تأسس على يد رجال فرانكفونيين

دخل ولد محمد فال المدرسة الابتدائية سنة 1960 وتابع دراسته الإعدادية قبل أن يتوجه إلى الجيش الوطني نهاية الستينيات، حيث كان من الضباط الموريتانيين الذين شاركوا في حرب الصحراء، شارك ولد محمد فال في عدة دروات تدريبة لتحسين الخبرة في المغرب وفرنسا.

دخل ولد محمد دائرة التأثير سنة 1984 حيث كان أحد الضباط المشاركين في انقلاب العقيد معاوية ولد الطايع ضد الرئيس السابق محمد خونه ولد هيدالة، قبل أن يتولى إدارة أمن الدولة سنة 1987 إلى 2005 وخلال تلك الفترة  تمتع قطاع الأمن الموريتاني بأسوء سمعة في تاريخ البلاد، حيث صار من الجائز عند الكثير القول إن كلمة أمن هي اختصار طبيعي لعبارة ’’ أعطيني مئتين نطلصك’’.

شهدت إدارته للأمن الموريتاني أبشع جرائم ولد الطايع ضد معارضيه بدأ باغتيال واعتقال العشرات من المواطنين الزنوج وقمع المظاهرات وتزوير الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى اعتقالات طالت كل أطياف المشهد السياسي والإيديولوجي المعارض، وظل ولد محمد فال ينفذ إرادة ’’ النظام البائد’’ وإن عبر قفازات تمنعه من الظهور بمظهر الجلاد الكبير.

’’تماما كما اختار ولد الطايع عددا من الأشخاص ليجعل منهم منشفة لمسح الأفعال القذرة  التي مارسها، فإن زميله ورفيقه اعل ولد محمد فال مارس نفس الدور مع عدد من ضباط الجيش الذين شوهت سمعتهم في عمليات تعذيب وإرهاب ضد المعتقلين، حين أنهم كانوا ينفذون أوامر الرئيس ومدير الأمن’’ يقول أحد الإعلاميين الموريتانيين.

ظهر ولد محمد فال على رأس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، بعد ساعات من اعتقال زملائه الأربعة الذين يرأسون الوحدات العسكرية الكبرى في موريتانيا،لتحمله سواعد زملائه في المجلس إلى واجهة بالغة التعقيد.

شن ولد محمد فال خطابا بالغ الديماغوجية على سلفه ولد الطايع،مؤكدا أن حتمية خلاص الشعب الموريتاني من الاستبداد جعلته ينفذ خيار الإطاحة بالرفيق الطائعي.

على الضفة الأخرى للمشهد قوبل ولد محمد فال باحتفاء عربي كبير جعل الملاييين من المحيط إلى الخليج يهتفون باسمه كما لو كان مارتن لوثر بالنسبة للبروتستانات الإيرلنديين،أو مارتن لوثر كنغ بالنسبة للسود الأمريكيين.

لكن المحرر ولد محمد فال قوبل بفتور قوي من الساسة العرب،وظهرت صور ولد محمد فال أكثر من مرة وحيدا في القمة العربية،حيث تبادل السادة المعمرون التحايا والسلام وتحاشوا الظهور مع الموريتاني الذي يحمل ’’فيروس الديمقراطية’’.

أدار ولد محمد فال فترة انتقالية استمرت تسعة عشر شهرا فقط،نجح فيها بقوة في تحقيق رزمة الوعود البراقة التي وعد بها على مستوى العمل الديمقراطي،وشفافية الانتخابات،كما نجح- ضمن المجلس العسكري- في تمرير مرشح العسكر سيدي ولد الشيخ عبد الله رغم الأشواك إلى القصر الرمادي.

على الصعيد الاقتصادي،لايزال الجميع يذكر ’’مقالة ولد محمد فال’’ التي شبه بها موريتانيا،بالبقالة ذات العلب الفارغة كما لاينسون صيحات الوزير الأول الزين ولد زيدان الذي أكد أنه استلم عجزا ماليا في الميزانية بقيمة30  مليارأوقية،والجميع أيضا لاينسى أن موريتانيا استقبلت خلال تلك الفترة مئات الملايين من الدولارات.أين ذهبت ...أجاب ولد عبد العزيز لاحقا أنها ’’سرقت خلال الفترة الانتقالية’’

حافظ ولد محمد فال على لاءات كثيرة خلال فترته الانتقالية،لا لعودة المبعدين الموريتانيين، لا للتخريص لحزب الإسلاميين في موريتانيا،مع لاء أكبر لقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني،واليوم يعود ولد محمد فال وجميع لاءاته قد تكسرت بقوة على صخرة واقع آخر،كما أن الإطار الفضي الذي طبع به الفترة الانتقالية قد كسرته أقدام العسكر الآخرين

على الصعيد الشخصي يوصف ولد محمد فال بأنه شخصية لائكية رغم اعتنائه الشديد،وتعويله أيضا على الميثولوجيا الشعبية ومراكز النفوذ الروحية التقليدية،وحفاظه على مستوى كبير من ’’التلمذة’’ لأحد المشائخ المعروفين

يرفض ولد محمد فال مظاهر التدين الجديدة،ويحارب بشكل كامل،، حزب الإسلاميين’’ رغم أنه بات يظهر ودا أكثر لخصوم الأمس،عندما تأكد بالفعل أنهم يمسكون بخزان انتخابي كبير وبآلة إعلامية فاعلة.

لائكية ولد محمد فال لم تمنعه دائما من الظهور بمظهر ’’رجل البيظان العارف بأيامهم بشكل كبير،العارف أيضا بقبائلهم،ومجموعاتهم المحلية،العارف أيضا بالأرض الموريتانية،كما لو كان أحد القافة أو الحداة.

يتمتع ولد محمد فال بشبكة علاقات اجتماعية وأمنية واسعة جدا،ويصنف دائما على اعتباره رجل فرنسا الأصيل،وتخترق علاقات ولد محمد فال اصطفاف اليمين واليسار فهو عضو شرفي في مؤسسة شيراك يميناوفي اليسارعضو في المعهد الاقتصادي لدول حوض البحر الأبيض المتوسط الذي يرأسه جان لويس جيغو  زوج الوزيرة الاشتراكية السابقة إليزابيث جيغو، قبل أن يضاف إلى ذلك العلاقة المتميزة مع مراكز النفوذ الأمريكي والصهيوني على حد سواء.

ولد محمد فال مستمع جيد لمحاوريه، متواضع وخدوم لضيوفه، منفتح على تراث البيظان رغم افراكفونيته، قارئ بنهم شديد وخاصة روايات المغامرات، له علاقات دولية واسعة،واسع الثقافة إلى درجة كبيرة، يستطيع دائما أن يقدم أفكارا متسلسلة خصوصا عندما يتحدث بلغة مولييير،يوصف بأنه خطيب بارع،جدا وأنه قادر على تجييش المشاعر عندما يتكلم فقط بلغة موليير،أما عندما يتحدث بالعربية،فإنه ينجح كثيرا في استقطاع عدد من التعليقات الساخرة،وقليلا في إيصال فكرته...وهو أيضا بحسب خصومه أمي في الثقافة العربية والإسلامية،يذكر بعض القضاة،كيف رفض بشدة إعادة خمسة قضاة شباب إلى مناصبهم لأن ’’تطوير القضاء يتطلب فك الارتباط بفقه أبو فريرة’’ لم يكن أبو فريرة ..غير الصحابي الجليل أبو هريرة،ذلك الرمز الكبير في تاريخ التشريع الإسلامي.

يتحدث خصوم ولد محمد فال عن علاقة وطيدة مع مراكز الماسونية العالمية،واستقبل العقيد اعل خلال أيامه الأولى رئيس نادي الأسود الدولي الذي يعتبر أحد واجهات الماسونية،ووشحه في القصر الرئاسي.

شارك ولد محمد فال في مؤتمرات صهيونية،من آخرها مؤتمر علاء الدين في باريس،حيث ألقى ولد محمد فال خطبة وصفت بالعصماء،أبكت بعض الحاضرين،عندما تحدث عن أطفال اليهود الذين قتلوا في المحرقة الصهيونية،خلال الحرب العالمية الثانية

أطفال فلسطين الذين لايزالون ينزفون دما لم يجدوا ’’نصف تلك العواطف’’ الجياشة التي عبر عنها ولد محمد فال في خطابه التاريخي. تتحدث المصادر عن دور كبير لولد محمد فال في تأليب المجتمع الدولي ضد منافسه محمد ولد عبد العزيز،ويؤكد هؤلاء أن ولد محمد فال لعب أيضا دورا إيجابيا في دفع الرئيس عبد الله واد إلى الوساطة بين الأطراف،ويضيف هؤلاء أيضا أربع حاويات من صور ولد محمد فال وصلت إلى ميناء نواكشوط ليلة توقيع اتفاق دكار.

خلال فترة الرئيس ولد الشيخ عبد الله زار ولد محمد فال عددا كبيرا من دول العالم،حيث زار ألمانيا وإيرلندا وإسبانيا وعددا كبيرا من الدول،وتتحدث المصادر عن دور كبير للقائم بالأعمال في السفارة الألمانية في الترتيب لكل هذه الزيارات وتحديد أهدافها والشخصيات التي التقاها ولد محمد فال.

يواجه ولد محمد فال نقمة العديد من مواطنيه الزنوج،كما يواجه أيضا عدة دعاوى بالمشاركة في الإبادة الجماعية في المحاكم البلجيكية.

وعلى الصعيد المالي يعتبر ولد محمد فال واحدا من أغنى رجال الأعمال في موريتانيا وقدرت وثيقة نسبت إلى إدراة الأمن الموريتاني ثروة ولد محمد فال بخمسة وثلاثين مليار أوقية

قبل أن تتهمه باصطحاب 15 مليار أوقية من رصيد الفترة الانتقالية،يتهم الجنرال محمد ولد عبد العزيز منافسه ولد محمد فال بالمسؤولية عن اختفاء 400 مليون أورو خلال الفترة الانتقالية،ويهدد ولد عبد العزيز بمحاكمة ولد محمد فال.

ورغم ذلك فقد نجا ولد محمد فال من الاتهامات التي وجهها ولد عبد العزيز إلى خصميه أحمد ولد داداه ومسعود ولد بلخير،وداعميهم،مشفعة بوثائق لم تكشف لحد كتابة هذا التقرير.

 أعل ولد محمدفال : رجل الأمن المثير

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox