ابتسامات مشرقة .."جئنا هنا لمخيم بسمة وأمل لنتعلم شيئا من الدين"، بهذه العبارة المختصرة المنبعثة من أعماق عالم الطفولة المزدحم بالمتناقضات، خالطبنا الطفل المخيم سيديا ولد الحاج بنبرة طفولية بامتياز، وجدية واضحة، ترجمتها قسمات وجهه الشاحب البريء، وقد اختصرت تلك الكلمات حال الكثيرين من زملائه المشاركين في المخيم.
سيديا ولد الحاج ليس الطفل الوحيد الذي يوجد في هذا المخيم الإنساني، وإنما نموذج واحد من أطفال عدة استطاعت جمعية بسمة وأمل أن تجمعهم في مكان واحد لتجمع بين قلوبهم ولترسم على وجوههم البسمة وتزرع في نفوسهم الأمل، رغم اختلاف أعمارهم.
موفد"السراج"زار مخيم الأيتام بنواكشوط الذي نظمته الجمعية تحت عنوان:"نحو جيل بناء"..وأعد التقرير التالي: alt سدا لفراغ اليتيم
لم تأتي فكرة إقامة المخيم لصالح هؤلاء الأطفال من فراغ، وإنما خرجت من رحم المسؤولية التي كان يتحسسها المقيمون على الأمر، ويعون جسامة ونبل رسالتهم التي يحملونها لدنيا"الأيتام"والفقراء والمساكين.
لقد جاءت فكرة المخيم من طرف مكتب الأيتام المعني بالأيتام بالجمعية، وقام بتقديمها إلى مكتب الجمعية الرئيسي فأقرها مباشرة باعتبارها مسألة ذات طابع إنساني. هكذا يقول رئيس المخيم: موسى كليم الله ولد احمدي.
قررت الجمعية تنظيم المخيم من أجل "سد الفراغ"الذي يعيشه التلميذ"اليتيم"في فترة العطلة، ولكي تنشئ علاقة جيدة مع الأيتام، وتكتشف مواهبهم وتنميها، وبذلك تربطهم بالعالم الخارجي. يقول المشرفون على المخيم.
alt ابتسامات مشرقة
جلسنا مع أطفال مخيم"الأيتام"لحظات تملينا من خلالها طبيعة هؤلاء ووداعتهم..استرقنا فيها السمع إلى ما يختلج في قلوبهم النقية، بحثا عما غيبته تلال البراءة الطاهرة في صحرائهم الشاسعة..
أمضينا لحظات بريئة طاهرة حقا مع هؤلاء..كانت تطافح بالصدق والطهر البراءة..التقطنا خلالها بالعدسة تلك الابتسامات العابرة"المشرقة"التي يوزعها أولئك الأطفال في قلوب الحاضرين، وينقشوها بمداد"اليتم"على الجدران الأربع وحائط الزمن"الغافي"بين الفينة والأخرى..كي تبقى ذكريات تتحدث عنها الناس وتتوارثها الأجيال القادمة..جيلا بعد جيل..
altورغم أن شبح اليتم-الذي يراه البعض مصدر الشقاء-هو سيد الموقف ظللنا في تلك اللحظات نشاهد ابتسامات أولئك الأطفال الأيتام التي لا تفارق محياهم..لقد تآلفوا وتعارفواوامتثلوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم"فكانوا عباد الله إخوانا"..
ترى الواحد منهم يعانق صاحبه عناقا حارا لا يكاد يوصف..ببراءة مفرطة وطفولة صادقة تحوم في سمائهم الصافية الخالية من كل أدران الدنيا الفانية..
عزائم متقدة
أطفال مخيم"الجيل البناء"أطفال بسطاء في مظهرهم عظماء في حقيقتهم..ينظرون إلى المستقبل بنظرة ثاقبة وعزيمة متقدة..عزيمة تزرع الأمل في نفوس الكبار وتبعث روح البذل والعطاء في قلوبهم..
في حديثنا مع هؤلاء الأطفال اضطررنا لسألهم عن مستقبلهم وما ذا يريدون فعله لوطنهم"موريتانيا"، فجاءت إجاباتهم نبيلة شاملة..:
altالطفل آب ولد سيدي قال إن ما يريده وتهفو إليه نفسه"البريئة"هو أن يكون يوما من الأيام من رجال الوطن الذين يخدمون المجتمع، ويساعدون الأيتام والفقراء والمساكين.
ولعل ولد سيدي فهم قيمة خدمة الناس ووعى الدور الذي يؤديه الأشخاص الذين يخدمون المجتمع..ولعل الطفل أيضا ذاق طعم مرارة اليتم والفقر واللامبالاة في فترة زمنية سالفة من حياته..
أما الطفل سيديا ولد الحاج فقال إنه يريد أن يصبح عالما من علماء المسلمين يخدم الأمة من خلال العلم والمعرفة..
ولا غرابة أن يظل الموريتانيون يعشقون العلم وحبونه"ويتخذون ظهور العيس مدرسة بها يبينون دين لله تبيانا". كما أنه لا غرابة أنت تخرج أرض العلم والعلماء علماء في القرن21 يمثلون المنارة والرباط كما خرجتهم في القرون السالفة.
هذه نماذج قليلة من عزائم هؤلاء الأطفال"المتقدة"..عبروا عنها بطريقتهم الخاصة في كلمات تتسم بالبراءة والطهارة والصدق..وما خفي أعظم.!!.
رسائل الجمعية
انطلاقا من قناعتها بالعمل الخيري وتجربتها المعتبرة، وسعيا منها في إيجاد عمل خيري واسع، أرسلت الجمعية مجموعة من الرسائل دعت فيها إلى التكافل والعمل من أجل إيجاد إطار عملي خيري ناجح، نجمل تلك الرسائل فيما يلي:
1-دعت الجمعية الشباب إلى الإنخراط في العمل الخيري واستغلال وقته في خدمة الآخرين من أجل تحسين حالة الفقراء والمساكين.
2-ودعت السلطات إلى المساهمة في العمل الخير وتسهيل التراخيص للجمعيات التي تسعى للعمل في المجال الخيري الانساني.
3-ودعت رجال الأعمال إلى القيام بدورهم في الانفاق السخي من أجل الرفع من وضعية ذوي الحاجة.
وفي هذا الإطار دعت الجمعية رجال الأعمال إلى التفاعل الإيجابي معها باعتبارها أكثر ارتباطا بالناس والميدان، كي يساهموا في خدمة ضعاف المجتمع. حسب قولها.
4-كما دعت الجمعية وسائل الاعلام على اختلافها إلى العمل على تعزيز مفاهيم العمل الخيري والتطوعي، سبيلا إلى الرفاه بالمجتمع.
**********
جلسنا مع الأطفال وتقاسمنا معهم أفراحهم وأتراحهم في يوم من أيامهم المميزة..من يشاهد تلك اللحظات ويعي حقيقة أصحابها بشكل واضح تتأكد له حقيقة الحكمة الشعرية التاريخية القائلة:
ليس الجمال بأثواب تزيننا إن الجمال جمال العلم والأدب
ليس اليتيم الذي قد مات والده إن اليتيم يتيم العلم والأدب
|