القرية تتكون من أبنية طينية بدائية-السراج "نحن الآن أميون ولا نريد أن يتجرع أولدنا ما تجرعنا من ألم الجهل".. بهذه الكلمات تحاول الأم مريم فال أن تدق ناقوس خطر الجهل و المستقبل المظلم الذي يحدق بأبناء قريتها "الريحة" بعد أن عانت من حرمانها من التعليم طيلة 15 سنة الماضية. "الريحة" قرية تابعة لمقاطعة "تارنكة" تبعد 35 كلمتر عن امبود بعيدا عن الطريق العام، "الريحة " كغيرها من القرى المعزولة في مثلث الفقر تشكو من انعدام أي مرافق تعليمية سواء كان نظامية أو محظرية.
هنا تتعدد فصول المعاناة بتعدد المشاكل، لكن الحق في التعليم والماء و الصحة أو حاجز يقي المزرعة من الحيوانات أو "سونداج" يضخ الماء من البئر هو كل ما يطلبونه هاؤلاء من من يهمه الأمر. أطفال القرية محرومون من التعليم طيلة 15 سنةهاجس الأمية
أول ما يتحدث عنه أهل القرية هو احتياجهم الماس و العاجل للتعليم قبل أي شيئ، حتى قبل مأكلهم و مشربهم، فالقرية المتواضعة ذات الأبنية الطينية المتواضعة لا تتوفر على مدرسة ولا محظرة منذ أكثر من 15 سنة ليكون مستقبل مئات الأطفال مجهولا ما لم يتم التدخل بأسرع وقت ممكن.
بهذه الوضعية المزرية أصبح كل ما يأرق السكان هو هاجس الأمية الذي يتربص بأبنائهم و الذي لا يريدون لهم أن يقعوا في براثينه كما وقعوا هم فيه فأكثريته أميون إلا ما رحم ربك.
تخاطبنا السيدة مريم فال بحرارة عن واقعهم مع التعليم فهي سبق و أن تجرعت من كأس الأمية الذي لا تريده لأبناء قريتها بعد أن غابت المدرسة و فصول الدرس و مقاعد الدرس طيلة 15 سنة الماضية.
رحلة شاقة
تقول فاطمة إن أقرب مدرسة في قرية تبعد أكثر من 10 كيلومتر و الأطفال الذين يرسون فيها لابد و أن يقطعون كل المسافة على الأقدام وذالك يعتبر مخاطرة بحياتهم ومستحيل بالنسبة للأطفال الصغار.
أطفال الريحة - السراج خاصتضيف فاطمة أنه كاد بعض الأطفال أن يموتوا عطشا بسبب الحر في فصول الصيف، وأوشك آخرون أن يهلكوا بعد أن ضلوا الطريق.
تواصل فاطمة حديثها بمرارة أن هذه الوضعية "لا يمكن أن تستمر خاصة أن القرية كان بها ثلاث مدرسين ومدرسة زمن ولد الطائع لكن منذ 15 سنة تم إلغائها".
تطالب فاطمة السلطات بتوفير مدرس أو محظرة على الأقل حتى يطمئنوا على مستقبل أطفالهم المظلم.
يوميات دون "البليس تيشن"
سألت الأطفال إذا ماكانوا يعرفون لعبة "البليس تيشن أو الأكس بوكس" أجابني احدهم "أين يسكن؟"...ففي وقت تقوم شركات الألعاب العالمية ببيع ملايين الألعاب و يتم جني ملايين الأرباح من ورائها لا يتوفر أطفال "الريحة" على ما يلعبون به، حتى حقهم في اللعب مسلوب.
لا تختلف يوميات أطفال الريحة عن يوميات أجدادهم القدماء فهي مابين "الرواية" على الحمير" أو الزراعة أو ألعاب صنعوها محليا باستخدام بعض القنينات.
الأطفال عصب الحياةالأطفال يساهمون بشكل كبير في نشاطات القرية
في زمن تكافح فيه عمالة الأطفال و تعتبر جريمة دولية يعاقب عليها القانون ليس أمام أطفال "الريحة" إلا أن يقوموا بمساعدة أهليهم على الأقل لملئ فراغهم بشيئ يعود بخير على أهلهم و على القرية، لكن الفرق بينهم و أطفال العالم الآخر أن أولائك وفر لهم التعليم و هاؤلاء سلب منهم.
يشارك الأطفال بشكل كبير في نشاطات القرية فهم جزأ لا يتجزأ من عجلة الحياة اليومية و بدونهم ستتعطل مصالح هامة.
يقوم الأطفال بنقل المياه من البئر القريبة على عربات الحمير كما ينشطون في مساعدة أهلهم في أعمال المزرعة القريبة منهم. أطفال "الريحة" مثال حي على ما يعنيه الأطفال في منطقة مثلث الفقر من خطر و هاجس الأمية و الجهل الذي يهددهم - في القرن الواحد و العشرين - بسبب عزلت مئات القرى و التجمعات السكنية عن الطريق العام و تواضع المستوى التعليمي التي تجعل من المستحيل أن يواصل التلميذ دراسته المتقدمة تحت كاهل ووطأة الوضعية المعيشية الصعبة، مما يجعل مستقبل آلاف الأطفال مجهولا ومظلما في انتظار بارقة أمل. موفد السراج / أمبود - ولاية غورغولركوب الحمير الهواية المفضلة لدى أطفال الريحة
|