الشيخ عمر أسس المحظرة منذ عقدين ولا زالت صامدةيتفقد الشيخ عمر تلاميذ محظرته في قريه "بير كودي" كل يوم، بادية على وجهه آثار الهم، و معاناة، فالمحظرة التي أسسها منذ أكثر من عقدين من الزمن لا زال طلابها يستخدمون طرق بدائية للحصول على الإنارة في الليل،ناهيك عن عجزه التام عن التكفل بعيشة مئات الطلاب وسط غياب تام للوزارة الوصية.
هكذا هو حال محظرة الشيخ عمر في قرية "بير كودي" إحدى قرى امبان المعزولة، حيث تعتبر هذه المحظرة مثال حي لمئات المحاظر و المساجد في المنطقة المعزولة حيث لا تتوفر المسجد أصبح يقوم مقام المحظرةأكثرها على مدارس أو حتى مساجد أو محاظر وسط غياب تام لوزارة الشؤون الإسلامية...ووجود قليل للجمعيات الخيرية التي تتكفل ببناء المساجد و الآبار... محظرة بير كودي..عقدين من المعاناة
تقع قرية بير غودي تابعة لمقاطعة امبان في ولاية لبراكنة في منطقة شبه معزولة تبعد عن الطريق العام ب12 كلم، القرية المتواضعة لا تتوفر إلا على مسجدين و محظرة.
المحظرة التي تقع في أحد أطراف القرية تكفلت منذ 25 سنة بتدريس أبناء القرية ومحو الأمية عنها وسط غياب تام للتعليم النظامي عنها.
كما استطاعت أن تخرج أكثر من 50 حافظا للقرآن الكريم، تخرجوا كلهم على يد الشيخ عمر.
المحظرة المتواضعة والتي أسسها الشيخ عمر دجابي في سنة 1987 بمجهوده الشخصي تردح تحت وطأة المشاكل والمعاناة منذ تأسيسها، فهي تتخذ من مسجد شيدته إحدى الجمعيات الخيرية مكان لها، قبل ذالك كانت الأعرشة هي المكان الوحيد للتدريس.
لا يتوفر الطلاب على الإنارة فالقرية المتواضعة أصلا لا تتوفر على الكهرباء، فلم يكن أمامهم إلا اللجوء إلى طرق بدائية للإنارة بجمع الحطب و إشعال نار في كل مساء.
ملاح أحد أطفال المحظرةيتحدث لنا الشيخ عمر عن معاناته المتواصلة هو وطلابه، فيقول :إن الطلاب يعيشون على حسابه الخاص وعلى موارده المحدوة، لأنه لا يحب أن يكون طلابه من طلاب التسول أو "ألمودات".
كما يتحدث الشيخ عن معاناة جديدة وقديمة فمنذ سنة أتت الرياح على مسكن استطاع الشيخ أن يبنيه ليكون مكانا يعيش فيه الطلاب، لكن بعد أن سقط الجزء الأكبر من المسكن أصبح الطلاب ينامون في العراء الآن.
يطالب الشيخ عمر السلطات والمحسنين بتوفير سكن لائق ومعيشة للطلاب، خاصة، كما يطالب الشيخ ببناء محظرة و سكن للطلاب و توفير الطاقة الشمسية من أجل دراسة الطلاب في الليل.
محظرة أخرى...معاناة أخرى
لا يختلف حال محظرة "بيير كودي" كثيرا عن محظرة كوب أهل جعفر.
فالمحظرة التي تقع في قرية كوب أهل جعفر التابعة لمقاطعة "أمبورد" تكاد تستنسخ وضعية سابقتها، نفس المعاناة ، نفس المطالب.
النار التي يستعملها الطلاب للإضاءة في المساء محمد ولد محم إمام المحظرة يقول بأن المحظرة توفر التعليم لأكثر من 200 طفل، غير أن بناية المحظرة تقتصر فقط على أعرشة لا تقي من البرد ولا من الحر خاصة في فصل الشتاء و الخريف.
ولد محم قال :إن الطلاب بحاجة إلى من يتكفل بهم لأن أهلهم فقراء وبالكاد يمكن للأسرة الواحدة أن تقوم 200 أوقية لصالح شيخ المحظرة.
ويطالب ولد محم السلطات أو المحسنين التدخل من أجل إنقاذ هذه المحظرة و مثيلاتها.
ولد محم يقول بأن هذه المحاظر تقوم مكان المدارس النظامية التي لا تتوفر عليها القرى الصغيرة، و الناس يحترمون التعليم و يرسلون أولادهم له لكن حالتهم الاجتماعية ربما تكون عائقا أمامهم للاستمرار. تحذير من "جيل أمي"
تنشط العديد من الجمعيات و المنظمات الخيرية الغير حكومية في تلك المناطق الفقير في المنطقة ، فتتكفل ببناء المساجد و حفر الآبار، لكنها نادرا ما تقوم بالتكفل بالمحاظر و طلابها إلا في حالات قليلة.
altيرجع محمد ولد لمرابط ممثل إحدى الجمعيات الخيرية السبب إلى عدم وجود التبرعات للمحاظر، فأغلب التبرعات تأتي من بلدان خارجية و ترسل حصريا لتشييد مسجد أو بأر.
ولد لمرابط يحذر من وجود جيل لا يقرأ ولا يكتب في المنطقة كما دعا الدولة والجمعيات الخيرية إلى تحمل مسؤولياتهما.
وأضاف ولد لمرابط أن المحاظر هنا تزداد أهميتها في بعض القرى نتيجة لعدم توفر مدارس حصرية ،مشيرا إلى أن بعض القرى لا تتوفر على أي منفذ للتعليم سواء كان محظرة أو مدرسة.
منذ القدم سطرت المحظرة الموريتانية تاريخ بلاد شنقيط فخرجت العلماء و الشعراء و أطر الدولة رغم الظروف آنذاك، و اليوم وبعد 50 سنة ـ 2013 لازالت مناطق في وسط موريتانيا تفتقد لأبسط مقومات التعليم، فالدولة عجزت عن تشييد مدرسة فأصبح شبح الأمية يهدد آلاف الأطفال، جيل كامل أصبح مهددا ببراثن الأمية و الجهل، لكن المحظرة كانت في المرصاد فلم تقبل إلا و أن تلعب دورها التاريخي، رغم المصاعب والمعاناة. تلاميذ محظرة كوب أهل جعفر - جانب البنات محظرة كوب أهل جعفر تضم أكثر من 200 تلميذ يعيشون في وضعية صعبة
|