سكان "لمغيطي" .. حين يتحول رمز الأمن إلى أداة رعب وبطش! (صور) |
الاثنين, 27 مايو 2013 19:11 |
أقدمت فرقة من الحرس الوطني صباح اليوم الإثنين "27/05/2013" على هدم أعرشة وأكواخ سكان حي لمغيطي بمقاطعة دار النعيم تاركة عشرات الأسر يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.
لم يسلم قسم الأمية الوحيد في الحي المعترف به من لدن الجهات الوصية، فقد هدم كما هدمت أعرشة معلمته آسية بنت يعقوب بعد خمس سنوات من السهر على تعليم نساء وأبناء الحي مبادئ القراءة والكتابة كما تشهد بذلك سبورات الفصل المهدم، التي بقيت شاهدة في العراء.
انتقادات واسعة للجان الإحصاءيستغرب السكان تجاهل لجان الإحصاء المكلفة بتهئية الأحياء العشوائية لحيهم العشوائي رغم مرور أكثر من سبع سنوات على إنشائه، حيث لم تقم اللجان إلا بإحصاء أسر قليلة منهم وبطريقة عشوائية سنة 2010 ولم تشفع أوصال الإحصاء لمن حظوا بتسجيل قطعهم الأرضية من الهدم.
واستمر تجاهل لجان الإحصاء لحيهم رغم المسيرات والمظاهرات التي نظموها أمام البرلمان والرئاسة، ورجعوا في آخر تلك المسيرات بطمأنة من الرئيس ووزير داخليته، بعد أن وعدهم الرجلان بمنح كل أسرة تثبت أنها من السكان الأصليين للحي قطعة أرضية، فاقتنع السكان ورجعوا لأمكنتهم في انتظار تنفيذ الوعد الرئاسي، الذي كان يخبئ لنا مفاجأة لم نكن نتصورها أبدا، حسب تعبير النية بنت محمود.
تهم الرشوة لا تفارق ألسنة سكان "لمغيطي"يتفق سكان "لمغيطي" على أن ما عقد مشكلة حيهم هو وجود أياد خفية تحرك السلطات ضدهم، وعلى رأسها رجال أعمال ونافذين، حيث يقول السكان إن الأرض تم بيعها لتجار سيحولونها إلى مخازن ومتاجر ولا مكان فيها للفقراء والمهمشين من أمثالهم. فنحن "شعب مهمش ولا مردودية له وقطعنا الأرضية تباع على رؤوسنا لتجار ومتنفذين" كما يقول محمد ولد الشيخ. ينتقد السكان الطريقة الوحشية التي تم بها هدم أكمنتهم على رؤوسهم؛ حيث لم ترق قلوب الحرس للعشرات من النساء والأطفال الذين ظلوا بلا مأوى وبلا طعام ولا سكن في ظل الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، ولا تنس آمناتا أنجاي التعامل القاسي الذي تعرض له ابنها المعاق ذو السبع سنين كما أنها لا تنس الطريقة التي أفسدوا بها قنينة زيت الطبخ وخنشة الأزر التي كانت تخبئها لعاديات الزمن.إحدى الغاضبات طالبت الرئيس بتوفير قطعة أرضية صالحة للسكن لكل أسرة وليفعل ما يريد بعد ذلك، إن كانوا مواطنين حقا، أو يسفرهم إلى وطنهم الأصلي إن لم يكن لهم موطئ قدم في موريتانيا، حسب تعبيرها.
وعيد وتهديدلم تكتف فرقة الحرس المدعومة ببلطجية بهدم الأكواخ والأعرشة فوق رؤوس أصحابها بل هددتهم بالعودة في اليوم الموالي بطريقة أكثر بشاعة ووحشية إن هم لم يرحلوا عن المنطقة ويتركوها خاوية على عروشها وإلا فإن أماكنهم ومتاعهم ستكون عرضة للمصادرة.
النانة بنت عبد الدائم تقع في الجزء الشمالي من لحي تسابق الزمن من أجل لملمة متاعها بعد أن توعدهم الحرس بالهدم كما فعل لجيرانهم الجنوبيين اليوم، ورغم أنها تمتلك وصل تسجيل لقطعتها الأرضية وتقع على شارع رسمي وفق المخطط العمراني للمنطقة، ورغم أنها تحتفظ برسائل السكان للرئاسة التي تحمل طابع ديوان الرئاسة إلا أن ذلك لم يمنعها من أن تأخذ تهديد الحرس مأخذ الجد فتخرج معظم بضاعتها من حانوتها المتواضع في انتظار الهدم والمصير المماثل لجيرانها. .. عشرات الأسر باتت بلا مأوى بعد أن أقدمت فرقة من الحرس على هدم أمكنتهم المتواضعة، فجلس معظمكهم على أطلالها انتظارا لبزوغ فجر جديد، حيث لم تمنعهم أشعة الشمس الحارقة من ترك محل ألفوه وألفهم، بعد أن لم يجدوا ملجأ منه إلا إليه، فمعظم السكان لا يملكون ما يقتاتون به يوميا، فلا تسأل عن إيجار منزل يأوون إليه، معظمهم أفسد عليه الحرس فرصة كسب قوته اليومي بعد أن لم يستطع الذهاب في رحلة الذهاب والعودة طلبا للرزق، كما لم تستطع النسوة صنع الكسكس وملحقاته لتسد بها حاجتها اليومية لها ولأسرتها من الغذاء. يقول السكان إن الأثار التي خلفها الهدم في نفوسهم ستظل محفورة في ذاكراتهم، كما أنهم لن ينسوا الظلم والحيف الذي تعرضوا له من أبناء جلدتهم كما يقولون.
|