الأدوات المدرسية ...غلاء وميوعة وانحلال |
الجمعة, 31 أكتوبر 2014 09:55 |
تتجنب أم الخير اصطحاب أطفالها إلى السوق لما يسببون لها من حرج عندما يتعلقون بنوع معين من الحقائب أو الأدوات لكن عليها أن تتدبر أمرها وتتحايل لتحقق لكل منهم ما يريد ولعل أقصر طريق هي بشراء الأفضل للأكبر سنا واقتناء ما تيسر للصغار الذين لم يدركوا بعد قيمة الأدوات ..ومع ذلك فالفاتورة تظل باهظة حيث أن أردأ الحقائب لا يقل سعرها عن 1000أوقية وهي مصنوعة من بلاستيك ذي رائحة نفاذة وكريه قد تحمل خطرا على الصغار، وعمرها الافتراضي لا يزيد على الأسبوع كحال الكثير من الأدوات المدرسية التي تغص بها أسواق نواكشوط والتي جرى جلبها لتلبي حاجة الآف الأسر الفقيرة التي لا تجد حيلة ولا تهدي سبيلا، إنها بضاعة "صينية " كما يسمونها هنا لكن الورش التي تنتجها قد تكون في أي بلد آخر، إن "ماركتها" المسجلة رداءة الصنع ورخص المواد الخام وبالتالي تدخل في صناعتها النفايات البلاستيكية وبقايا القمامات المعاد تدويرها !!
إنها معاناة حقيقية تعيشها الأسر الموريتانية مستهل كل افتتاح دراسي عندما تكون المضاربة والانتهازية هي لسان حال أسواق المواد المدرسية، وعندما لا تجد الأسرة بدا من تحمل الديون الباهظة من أجل إلحاق أطفالها بالتعليم ..إنها أزمات متلاحقة تعصف بدخل المواطن فلا يكاد يخرج من إحداها حتى تعاجله الأخرى لكن المأساة أن تضرب كلها في وقت واحد وأن يتزامن العيد مع الدخول المدرسي وموسم العودة من العطلة يعلق أحد أولياء الأمور .. في أسواق وسط المدينة تشهد المستلزمات المدرسية رواجا كبيرا هذه الأيام وتتحول المحلات والمكتبات إلى سوق مكتظة بالباعة والمشترين، ورغم وفرة العرض وارتفاع الطلب تظل منحنيات الأسعار في تصاعد مستمر.
في المقابل لا يرى المشترون والمترددون على السوق أي مبرر لهذا الغلاء الذي وصل درجة الاستغلال والمضاربة وذلك عندما يصل ثمن قلم الحبر الجاف المعروف ب "شنايدر" إلى 100أوقية بعدما كان في حدود 60 أوقية العام الماضي وكذا علبة الأدوات الهندسية "تروس" 500 أوقية فيما بلغت أسعار الكراريس والدفاتر في أدنى مستوياتها من 50إلى 300اوقية حسب عدد الصفحات ووصل متوسط سعر الحقائب المدرسية الأقل جودة ما بين 2000 إلى 6000 أوقية ". إنها الليبرالية المتوحشة كما يقول أحد المتسوقين لكنه أيضا مظهر لاستقالة الدولة من أي مسؤوليات لها نحو مواطنيها وتجردها من أي رحمة أو شفقة للتخفيف عن الفقراء ومحدودي الداخل سواء بالعمل على توزيع الأدوات المدرسية مجانا في مدارس الأحياء الفقيرة أو بالرقابة على واردات الأدوات المكتبية والحقائب المدرسية والتي قد تحمل السم الزعاف لأطفالنا إن لم تفسد أخلاقهم وقيمهم بما تحمل من صور خادشة للحياء وبما عليها من عبارات تشجع على الميوعة والانحلال يعلق آخر . |