أسرة موريتانية تتسول للبقاء على قيد الحياة
الخميس, 04 ديسمبر 2014 16:25

(قصة من الواقع)

تجلس وحيدة وتتأمل حالها مع أطفالها الخمسة، في كوخ يكاد لا يحجب عنها لسع الشمس أو يحميها لفح البرد، وكأنها تحكي لبنتها المعاقة التي لن تفهم أي شيئا ألمها وقصة حياتها حتى اليوم.

"آمنتا آلفا"، مواطنة موريتانية تقطن في مقاطعة الرياض بالعاصمة نواكشوط، رمتها الأقدار في طريق ابن عمها كمئات الفتيات الموريتانيات اللواتي لا يعلمن عن زواجهن إلا عند صالون الزينة.

كانت القصة عندما سافرت "آمنتا" إلي قريتها الأصلية جنوب موريتانيا، لتقديم واجب العزاء في وفاة احد أبناء قريتها، إلا أن سيدتين تبلغان من العمر عتيا (أمها وأم زوجها) قررتا عقد قرانها علي ابن العم، لتبدأ بذلك رحلة الشقاء، وتتحول إلي مصدر دخل جديد للزوج الذي يعمل بناءا، حيث صارت فراشه الذي يأوي إليه، وملبسه ومطعمه.

استمر زواج "آمنتا" عدة سنوات، وأثمر عن إنجاب أربعة أبناء هم علي التوالي: إبراهيم 8 سنوات، وروغي 7 سنوات، وفاما 5 سنوات، وآمدو 3 سنوات، ولم يشفع لها كل ذلك في تفادي الأسوأ.

تواصل اليوم "آمنتا" رحلة التسول الذي بدأته مع ولادة طفلتها الأولي المعاقة مريم 15 سنة من زواج سابق، تظل تستجدي المحسنين في منطقة العيادة المجمعة "بولي اكلينيك"، بعد  أن تستقل الحافلة من الرياض مع جميع أبنائها.

كان طلاق آمنتا لسبب تافه، كما هو حال الطلاق في موريتانيا، وهو "أتاي"، عندما طلب منها الزوج المدلل أن تصنع له الشاي، ووافقت علي الفور، إلا أنها طلبت منه مهلة دقائق حتى تنتهي من انتهاء عملية وضع سمك عمتها في الثلاجة الذي كانت تقوم به قبل وصوله للمنزل، لم يمانع الزوج ولم يبدي غضبه، إلا انه بيت أمرا جللا، ولم تكن المسكينة بانتظاره، لأنها لم تألو جهدا لإرضاء "بو العيال".

أخبر الزوج "آمنتا" أنه سيجري جولة قصيرة في الحي لغاية انتهائها مما بدأته، وبعد دقائق رن هاتفها، فإذا بالزوج الذي كان بالها مشغولا عليه بسبب اختفائه فجأة وانتظرته علي أحر من الجمر، يخبرها أنها طالق.

بعد تجاوز آمنتا الصدمة، وإشاعة الخبر، طلب منها أهلها أن تبعث إليه بأبنائه الأربعة، لأنها لا تملك مصدر دخل لإعالتهم، فرفضت الاقتراح بقوة، قائلة "أنها لن تتخلي عن فلذات أكبادها".

في أحد الأيام مرضت احدي بنات "آمنتا" من طليقها، فقررت الاتصال به لمساعدتها في علاج ابنته، فأجابها انه مفلس لا يملك قوت يومه، فاستسلمت لقدرها ومواجهة الأمر الواقع.

وبعد ثلاثة أيام من دعوى الزوج بإفلاسه وصل إلي مسامع "آمنتا" خبر زواجه، وهو الذي لا يملك قوت يومه ـ أو على الأقل كما كان يقول ـ، لتكتشف بعد ذلك بفترة وجيزة أنه تزوج اثنتين أخريات، ولم يكن عذره سوى فرية افتراها، في بلد يبدو فيه الرجل خارقا للعادة "سوبرمان"، يمكن له اللعب بالزواج والطلاق، كلعبه بالورق والشطرنج وغيرهما.

 

تحلم "آمنتا" اليوم بقطعة أرضية تسكنها وتعليم أبنائها الذي يرفض والدهم منحهم أوراقه المدنية للتسجيل عليها، وبقوا غرباء في وطن لا يرحم إلا القوي.

أسرة موريتانية تتسول للبقاء على قيد الحياة

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox