في مثلث الفقر..طفولة ينهكها العمل
الثلاثاء, 12 أكتوبر 2010 13:04

تضم السيدة أم الخير، من سكان أدباي امبود طفلها الرضيع محمد و هي تسقيه ماء في علبة طماطم فارغة لا تخلو من صدأ، و عندما تسأل أم الخير عن الحلاقة الغريبة التي تظهر على رأس الطفل ترد بعفوية: "انها حلاقة العرب". يمكن القول بان أغلب سكان الأرياف مروا بمثل هذه الظروف و حتى اليوم لا تزال وضعية الأطفال في أرياف موريتانيا ترسم صورة قاتمة لأجيال المستقبل. صورة الطفل محمد جزء قد لا يكون الأكثر قتامة في مشهد عام يرسمه أطفال أدباي امبود و القرى التابعة له خطوطه العريضة غياب الرعاية الصحية و ضعف التمدرس أما خلفيته القاتمة فمدادها شغف العيش و العمل في سن مبكرة.

مزارع صغير

أحمد ولد الحسين طفل في الثانية عشر من عمره يسكن قرية الركنة الواقعة في ضواحي بلدية امبود يحكي قصة نشاطه اليوم الروتيني فيقول مع بداية كل يوم و بعد أن أحلب شياه الأسرة و أتقاسم مع والدتي و أخواتي ما تيسر من فطور أخرج الى الحقل لأمارس الفلاحة..

لا يقف أحمد الكثير من تفاصيل يومياته حيث يتجاوز بسرعة الى مشهد العودة من الحقل قبل الغروب، لكن ما بين الوقتين يختزل سطور كثيرة مفادها الانهاك الشديد لجسم هذا الطفل الغد.

يقوم أحمد هذا الأيام بزراعة "الكلة" و هي عبارة عن قطعة أرضية صغيرة تزرع فيها الذرة، و قد قابلنا أحمد صحبة زميل له في سنه و هما يحملان محراثين ثقيلين يكاد أحدهما يبلغ ركبة أحمد وهو يعلقه على منكبه الصغير.

يقول أحمد انه يقوم مع صديقه و جاره الحسين بنفس المهمة و لذلك فهما ينسقان الجهد بحيث يعملان معا في القطة الأرضية التابعة لأحدهما لمدة يوم كامل على ان يعملا في اليوم الثاني في ارض الآخر.

يسترسل أحمد قائلا هذا ليس هو العمل الوحيد لي فقد انتهيت مؤخرا من مساعدة خالي في زراعة الأرز في أرضنا المحاذية للنهر!

ليس الأسوء

ليست وضعية أحمد هي الأسوء بل هو من بين أكثر الأطفال حظا في قى مثلث الفقر حيث تمكن من تجاوز مسابقة دخول الإعدادية و أنهى خلال السنة المنصرمة عامه الدراسي الأول في إعدادية امبود حيث كان يسكن مع أقارب له، الأمر الذي لم يتيسر لزميل الحسين اشريف الذي قطع دراسته مبكرا ليتفرغ للفلاحة و الرعي و أعمال المنزل على غرار بقية سكان تلك القرى.

علاقة خاصة

امبارك طفل آخر في سن أحمد و الحسين التقينا به على مشارف قرية انتامن و هو يمتطي حمارا وديعا و يحمل عصا في يده، لم نتعرف على طبيعة المهمة التي أخرجت امبارك من قريته قاطعا الطريق الرابط بين امبود و كيهيدي، لكن أغلب الظن انه خرج بعض الأعمال التي توكل الى اقرانه من طاف الأرياف.

من جهة أخرى يلفت الانسجام بين امباك و دابته الانتباه الى العلاقة الخاصة بين الأطفال العاملين و مختلف الدواب خاصة الحمير و الخيل التي تعينهم على أداء مهامهم حيث يتعودون على امتطاءها منذ نعومة الأظافر.

في مثلث الفقر..طفولة ينهكها العمل

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox