علي ومارية حياة هم ووجع في سبيل الحرية
الخميس, 19 يناير 2012 13:17

علي ومارية مع عمهما (السراج)علي ومارية مع عمهما (السراج) علي ومارية وأمهما هيجاره سكنوا في مدينة أبي تلميت ردحا من الزمن قبل أن يغادروها إلي العاصمة نواكشوط عام ألف وتسع مائة وثلاثة وثمانين،  كانت تلك الفترة الزمنية التي قضوها في أبي تيلميت "يعتصرنا  الأسى وتثقلنا الأوجاع" على حد تعبير علي،  توقفت بهم سفينة الترحال التي دأبوا عليها في مدينة نواكشوط منذ أن جاؤوها وحتى عام ألف وتسع مئة وثمانية وتسعين.

 صورة من ورقة إقرار الشيخ المعلوم بأبوته لمارية وعليصورة من ورقة إقرار الشيخ المعلوم بأبوته لمارية وعلي ثم بدأت سفينة الترحال سيرها من جديد بعد أن تزوجت مارية وفرضت عليها ظروفها السكن في العاصمة الاقتصادية نواذيبو،  لتتبعها الأسرة بعد ذلك بقليل،  وهكذا استقر بهم المقام في مدينة نواذيبو إلى يومنا هذا،  ولكن لم تكن القصة مجرد أحداث لا تثير مثل الترحال والسكن،  بل إنها ذات مخالب وشجون على كل المعنيين بها بمن فيهم آخرون غير مارية وعلي وأمهما هيجاره.

جذور القصة

الشيخ المعلوم ولد عبد الودود شاءت له الأيام أن يخرج ذات مرة في غنمه بمنطقة آمشتيل (50 كلم شمال منطقة أبي تيلميت) مع "أمة مملوكة لشقيق زوجته. "هيجاره" التي كانت ترعى له الغنم حينها،  فدخل بها دخولا صحيحا –كما يقول محمد ولد محمد حيبلّ  استنادا لشهود من أهل البادية،  وكانا يعيشان لوحدهما في الغنم،  فأنجبت "هيجاره" طفلين وطفلة هم بلال –الذي وافاه الأجل بسبب إصابته بداء الحصباء، وعلي ومارية،  بعد زمن أصبح الناس يتحدثون عن علاقة الشيخ المعلوم بـ"هيجاره"،  فاغتاظت لذاك زوجته الأولى مريم بنت الشيخ ولد احمد التي أنجبت له أبناء ثلاثة،  و توترت العلاقة بين مريم والشيخ المعلوم حتى مرحلة الانفصال النهائي "حرمت عليه".

مارية وعلي مع مع محمد ولد حيبل مارية وعلي مع مع محمد ولد حيبل بعد ذلك باع الشيخ المعلوم غنمه وعاد ليسكن قرية "الطائف" مع أبناء عمومته وأهله،  لكن أسرته الجديدة لم تسكن معه في الطائف بل كان لها شأنها الخاص من ترحال وسكن تحدثنا عنه آنفا.

أقارب الشيخ المعلوم لم يكن لديهم علم بالأبناء الثلاثة الذين ولدت هيجاره،  لأن قصة هيجاره انتهت بالنسبة  للشيخ المعلوم مع انتهاء قصة الغنم التي باعها "عبد الله ولد محمد ولد سيدي المختار ولد الشيخ سيديا،  كما يقول أخو الشيخ المعلوم محمد يسلم ولد عبد الودود. 

هكذا إذا سكت صوت المشكلة منذ بداية العقد الأخير من الألفية الثانية وحتى وقت قريب.

حياة من دون أب

يقول علي: يوم أن كنا في أبي تلميت كانت كل لحظة تسألني عن أبي وكل طفل ألعب معه يسألني عن أبي ؟ أين أبوك ؟ كلنا يأتي أبوه من سفر ويعود إلا أباك فإنه لا يأتي؟

أعود إلى أمي فأسألها أين أبي؟ فتقول إنك ابن أبيك الشيخ المعلوم ولد عبد الودود فيخبو السؤال شيئا فشيئا عن ذهني لكنه يعود ولو بعد حين.

كان ولا يزال يقول علي كل مشهد يذكرني بحاجتي لأبي،  عندما أشاهد أبا يرافقه ابنه أكاد أموت من الغيظ يذكرني ذلك أنني لست من الأطفال،  أنا طفل لكنني من أطفال آخرين لا تحب البشرية مثلهم "أطفال بدون آباء" أنا طفل لكنني لست كهؤلاء الأطفال الذين تجمعني معهم ساحة الملعب وساحة البراءة،  وساحة العمر،  وكلما مر يوم من أيام الدنيا المتلاحقة يظل السؤال عن الأب يصك أذني هاتين .. أين أبوك يا علي؟؟

تقول مارية أخت علي: الحياة بدون أب لا طعم لها،  هكذا تلخص معاناتها التي تصاحبها منذ الطفولة.

وتضيف كانت خالتي تقول دائما إنني لا أب لي،  وإن كنت ذا أب حقا،  فأين هو؟؟

أصعب شيء في الحياة يقول علي: أنني لم استطع أن أتمكن من الدراسة النظامية لأنني لا أحوز أوراقا تثبت أنني حقا من أب طبيعي ككل الناس.
واصعب من ذلك أن ينادي علي "ابن هيجاره" .. علي بن هيجاره.

انكسار الحاجز

ذات يوم قالت خالة مارية مخاطبة إياها في بعض الأحاديث أنت لا أب لك؟
كانت تلكم نهاية الصمت قررت يومها مارية الذهاب في الأرض بحثا عن والدها –كما تقول فجئت قرية "الطائف" كان الشيخ المعلوم يومها إمام المسجد وشيخ المحظرة فنزلت عنده،  وأخبرته عن حاجتي المتمثلة في الاستفسار عن ما إذا كنت ابنته أم لا؟ فقال الشيخ المعلوم إني ابنته حقا.

واعطاها وثيقة بخط يده تثبت أنه أبوها وأبو علي،  فعادت بالمغنم الذي ذهبت من أجله فشفي ذلك سقمها،  كان زمن ذهابها إلي الشيخ المعلوم في ظل وقع الحملة الرئاسية التي شهدتها البلاد 1992 ونجح فيها الرئيس الموريتاني السابق العقيد معاوية ولد سيد احمد ولد الطايع .

عادت إذا مارية وهي وقد خلعت حزنها وألم قلبها،  وحملت بشارة لأخيها علي الذي على وقع الوجع النفسي عاش ما فات من عمره.

انتشار الخبر

يبدو أن خبر دخول الشيخ المعلوم بـ"هيجاره" لم يطف أنحاء واسعة من قرية الطائف إلا قبل وقت قريب.

محمد ولد محمد حيبلّ  ابن خالة محمد يسلم أخو الشيخ المعلوم،  يقول ولد محمد حيبلّ  والدتي توفيت منذ زمان وكنت دائما آتي والدة محمد يسلم التي يذكرني حديثها بعهد أمي المرحومة،  ثم توفيت والدة محمد يسلم وأصبحت آتيه لقرابته مني وحبي له،  وقبل شهر رمضان الماضي ذهبت إليه في زيارة كعادتي،  يقول ولد محمد حيبلّ  وخرج معي ليودعني كعادته،  ففاجأني قائلا: إن للشيخ المعلوم أبناء من "هيجاره" .

أصيب ولد محمد حيبلّ  حينها بـ"الدوار" كما قال وبعد برهة قررت أن أجعل الموضوع نصب عيني من ذلك الوقت.

كان ولد محمد حيبلّ  يعرف أخا لوالدة علي ومارية يدعي محمد مبارك ولد إبراهيم اتصلت به وأكد لي الخبر واعطاني بعض التفاصيل التي تتعلق بالموضوع،  وأعطاني عنوان "هيجاره" واتصلت عليها فأخبرتني أن بحوزتها ما يثبت أن علي ومارية أبناء للشيخ المعلوم ولد عبد الودود.
 
طلب ولد محمد حيبلّ  الذي كلف نفسه البحث في الموضوع من ولد ابراهيم أن يأتيه بالورقة التي توجد بحوزة "هيجاره" في نواذيبو.

بعد وقت جاء ولد ابراهيم مصحوبا بالورقة التي –قيل إنها كتابة الشيخ المعلوم بيده.

أخو الشيخ المعلوم من أبيه محمد يسلم ولد عبد الودود يؤكد أنه مستعد للقسم أن هذه الكتابة الموجودة في الورقة مكتوبة بيد أخيه الشيخ المعلوم،  وآخرون من أصدقاء الشيخ المعلوم يؤكدون أنها كتابته –كما يقول ولد محمد حيبلّ .

كان ولد محمد حيبلّ  يحتاج لمن يفوضه للحديث والدفاع عن علي ومارية فطلب منهما أن يفوضاه الأمر،  وهو ما أكداه للسراج.

لكن الخبر جوبه برفض ابن الشيخ المعلوم من مريم بنت الشيخ ولد أحمد وهو الذي يدعي عبد الله العتيق ولد الشيخ المعلوم وكذلك كان معززا بخاله محمد عبد الرحمن ولد الشيخ ولد أحمد.

بين يدي القضاء

دخلت القضية جدران القضاء بعد أن رفع محمد ولد محمد حيبلّ  قضية ضد عبد الله العتيق وخاله محمد عبد الرحمان بعد أن رفضا الاعتراف  أن الشيخ المعلوم أب لعلي ومارية.

وجد ولد محمد حيبلّ  شهودا عدولا شهدوا له أن ما في الورقة هو خط الشيخ المعلوم،  كان ذلك أما م قاضي أبي تيلميت،  لكن القضاء كلفه مرة اخرى كما يقول بشهود علي أن دخول الشيخ المعلوم بـ"هيجاره" كان صحيحا،  ويؤكد ولد محمد حيبلّ  أنه وجد نسوة يشهدن بذلك.

وقد استفتى محمد يسلم الفقيه المعروف حمدا ولد التاه فأفتي أن الوثيقة التي كتب الشيخ المعلوم تغني عن وثيقة الزواج.

عبد الله العتيق ولد الشيخ المعلوم ومحمد عبد الرحمن ولد الشيخ ولد أحمد وكلا المحامي محمدن ولد إشدو بالدفاع عن دعواهم –كما يقول ولد محمد حيبلّ

كانت أول جلسة نوقشت فيها القضية مباشرة يوم الاثنين الماضي 16/01/2012".

ويتهم محمد ولد محمد حيبلّ  خصومه فيقول إن الناس جميعا يعرفون أن الشيخ المعلوم أصيب بـ"الخرف" بعد تاريخ كتابة الوثيقة بكثير من الزمن لكن عبد الله العتيق وخاله وثقا أنه أصيب بـ"الخرف" قبل تاريخ كتابة الوثيقة.

ولا زال الفصل في هذا الموضوع ينتظر قرار القضاء الموريتاني الذي لما يأت بعد.
 

 

علي ومارية  حياة هم ووجع في سبيل الحرية

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox