أسواق الأغنام: هموم المضحين وهواجس الباعة
الثلاثاء, 23 أكتوبر 2012 14:25

الباعة من أكثر المحتفين بالعيد الباعة من أكثر المحتفين بالعيد الأضحية سنة مؤكدة يحرص القادرون من المسلمين على أدائها قربة لله وابتغاء الأجر والمثوبة في أيام الحج الكبر وفي موريتانيا لا يكاد بيت يخلو يوم عيد الأضحى من اللحوم حيث يحرص الموريتانيون على الالتزام بهذه الشعيرة ولو كان ذلك على حساب الدخل أو من أجل المباهاة و التمظهر

لكن غلاء أسعار الأضاحي هذا العام يضيف أعباء جديدة على الراغبين في أداء هذه السنة، فما إن اقترب العيد حتى اشتعلت مضاربات الأسعار وارتفعت مؤشرات بورص أسواق الأغنام إلى مستويات خيالية، مما جعل الكثيرين يتنازلون عن طموحاتهم في أضحية مجزية إلى البحث عن الحد الأدنى المطلوب شرعا والذي لا تجزئ الأضحية بدونه.
مندوب السراج زار بعضا من أسواق المواشي والتقى باعتها وعاد بالتقرير التالي :

ثورة على تقاليد السوق..................
الجزارون مهام متعددة ومكاسب سريعة الجزارون مهام متعددة ومكاسب سريعة على غير العادة تخلو الساحات القريبة من ملتقى مدريد من الأغنام، فقد تعودت تلك الساحات أن تكتظ بالأغنام والباعة والمشترين وأن تشهد حركة دائبة لا تتوقف قبل حلول العيد ،بيد أن تلك المظاهر تكاد تختفي بعد أن فُرض على الباعة التجمع في ثلاث نقاط رئيسية وهي الأسواق المعروفة للأغنام بالميناء ودار النعيم وتوجنين، ومع ذلك فسوح العاصمة وشوارعها تبقى كلها موقفا وسوقا للأغنام مع اقتراب العيد وإن كان ذلك على استحياء كما يعلق أحد الباعة.
وبخصوص الأسعار لم تنعكس ظروف الخريف الذي كان جيدا هذا العام على أسعار الأغنام والتي لم تكف عن الارتفاع مع اقتراب يوم العيد وهو ما ينكره المستهلك ويقره الباعة بل يعتبرونه أمرا طبيعيا لاكتظاظ السوق بالأغنام السمينة إضافة على إحجام المنمين عن بيع أغنامهم في انتظار  فرصة العيد .
تضاف لهذه العوامل عوامل أخرى ترتبط بارتفاع تكلفة النقل بسبب الزيادات المتواصلة في أسعار المحروقات حيث وصل سعر توصيل شاحنة الاغنام أزيد من 200 ألف أوقية في المتوسط كما تدفع هذه الشاحنات إتاوات وضرائب تضاعف من تكلفة النقل المرتفعة أصلا، هذا إضافة إلى الضرائب غير المحدودة التي تفرضها السلطات على بائعي المواشي، وتكاليف الأعلاف، والحراسة وشراء المياه ..الخ حسب الباعة.
ويصل سعر الكباش في المتوسط هذا العام حوالي 33 ألف أوقية، وقد يصل لـ 40 ألفا، ويظل الحد الأدنى للأضحية 25 ألف أوقية .


خيارات صعبة.............
الاسواق حركة لاتهدأ من اجل البحث عن الأضحية الاسواق حركة لاتهدأ من اجل البحث عن الأضحية يقول محمد بأن هذا الارتفاع الكبير جعله يلجأ لشراء نعجة "أثنية من النعاج" بمبلغ 22 ألف أوقية بعد أن وجد نفسه عاجزا عن شراء كبش ،أما المتسوق بمب فيقول بأن مستوى الأسعار دفعه للتفكير الجدي في جلب أضحيته من الداخل عل ذلك أن يخفض من تكلفتها.
ورغم ارتفاع الأسعار وقلة الإقبال نسبيا؛ إلا أن ذلك لم يمنع كثيرا من الباعة من التفاؤل في قادم الأيام، رغم تأكيدهم على أن ذلك لن يؤثر على ارتفاع الأسعار، وعن إمكانية البيع بالجملة لبعض المنظمات والهيئات الخيرية يرى هؤلاء أن ذلك ليس له أي أثر على الأسعار؛ فحسب باباه ولد أماه  "الهيئات والعسكر يشترون عادة المئات من الرؤوس لكنها في الغالب الأعم دون المستوى المطلوب من "الشحم" وبالتالي فلا أثر لذلك على القيمة الحقيقة (السعر) للأغنام.
  
شكوى على كل لسان...
ليست الشكوى للمتسوقين فقط بل إن لباعة الأغنام همومهم والمشاكل التي تؤرقهم كما يقول البائع باباه ولد أماه إنهم أصبحوا مطاردين كاللاجئين في وطنهم حيث لم يعد بإمكانهم الاستقرار في أي مكان نظرا للمضايقة والمطاردة التي يتعرضون لها من طرف السلطات، كما يدفعون الكثير من الإتاوات دون أية قاعدة ولا حتى مقابل وصل، مما يجعل فرض هذه الإتاوات في تكرار دائم، كما أن بعض أفراد الشرطة ينغصون على هؤلاء حياتهم ويضايقونهم في أرزاقهم؛ بفرض الغرامات والابتزاز .
من هموم الباعة كذلك تعرض قطعانهم للسرقة في ظل غياب الأمن فلا يكاد يمر يوم إلا سجلت فيه عدة حالات سرقة واعتداءات على أصحاب الأغنام.
أما المطالب فتتنوع وتكثر، حيث يطالب الشيخ أحمد ولد أعليوه بإدارة ثابتة في السوق تسيرها الدولة لمنع السرقة وفض النازعات والمشاجرات التي غالبا ما تكثر في هذه الأسواق.
فيما يطالب البائع تغره بتوفير أماكن لأسواق الأغنام مما يسهل على المواطنين ويوفر عليهم تكلفة النقل إلى الأسواق المعروفة .

فرسان الموسم.......
ليس باعة المواشي وحدهم من ينتظرون عيد الاضحى بفارغ الصبر بل إن العيد يوفر فرصا لصغار السماسرة والجزارين ورعاة الأغنام وحراسها ومع ذلك يظل الجزارون الأكثر احتفاء إذ عادة ما يقومون بدور الوسيط بين البائع والزبون وذلك بعدما يعهد إليهم الزبون بهذه المهام وبعد الشراء يقوم الجزار بمهامه المعهودة كالذبح والسلخ والتقطيع وذلك مقابل مبلغ لا يقل في العادة عن 1000أوقية وبالطبع في غير أيام العيد التي يتضاعف فيها ..
ومع ذلك فللجزارين مطالبهم بتوفير العمل وتنظيمه كما يقول المتحدث باسمهم محمد عمار مؤكدا أنهم يعانون من ظروف عمل صعبة مما اضطر بعضهم للعمل في الحراسة أو في جلب الأغنام من الداخل واصطحابها في الشاحنات.


من طرائف السوق..
أصبحت المعلومات في سوق الماشية تباع، وبعض باعة الأغنام لا يضيع فرصة لكسب ما يمكن من دريهمات؛ فما إن أبصرنا صاحب أحد القطعان حتى وجد الفرصة سانحة ـربماـ لبيع الأخبار لنا، وبادرنا "نحن مستعدون لمساعدتكم وإعطائكم كل ما تطلبون عن السوق لكن شريطة مبلغ معين من المال نتفق عليه" أردنا خروج الموضوع المادي لكنه أصر على أنه لا مساومة ولا نقاش إلا بعد أن نمس جيوبنا "مسو ألبانيكم والل أنطلكو أعل همكم" لم نفلح في إقناعه في الحديث إلينا وقدمنا له أنفسنا على أننا صحافة، فبادرنا بالقول "إن كانت الصحافة مهنتكم فإنكم تتقاضون أجرا عليها، ولا يمكن لأي شخص أن يملك لقمتين وزميله لا يملك لقمة واحدة، فلتقاسمونا راتبكم على الأقل" انسحبنا بأقل الخسائر عن ذلك البائع الذي ظل يرقب كاميرتنا مخافة أن تلتقط صورا لغنمه.
ويبقى عزاء الكثيرين أنهم غير مطالبين بالأضحية لضيق ذات اليد وهذا ما لا يعيه الكثيرون، إضافة إلى كون النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نفسه وعن أمته بكبشين أقرنين، وقال "هذه عني وهذه عن من لم يضح من أمتي" أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وكفى بأضحية النبي صلى الله عليه وسلم شرفا . 

أسواق الأغنام: هموم المضحين وهواجس الباعة

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox