كان شيخا أشيب تبدو لحيته الكثة كأنها كتلة وقار وبراءة مطبوعان في وجهه..
كان يسير على الرصيف بكل عفوية وبساطة.. يحمل في يده اليمنى قنينة ماء ثلثي فارغة، وفي يسراه بعض الأدوية... وكان حر الشمس الشديد يرغمه على التضييق من فتحة عينه، وكأنه يجعل من حاجبية ستارا يقي عينيه توهج حرارة شمس أغسطس الحارة سلم علي برفق وبادر بالسؤال وكأنه لا يريد أن يأخذ الكثير من وقتي: "أين أقرب مكان لنسخ الأوراق"؟ التفت يمنة ويسرة فإذا بمباني الوزارة الأولى تحدني من اليمين، وليس عن يساري سوى مباني الجامعة الفارغة إلا من بعض أصحاب المتابعات الإدارية المزمنة، أو بعض النقابيين الشائمين سراب وعود كانوا قد وعدوها في سلسلة عرقوبيات العام الماضي حتى إذا جاءوها لم يجدوها شيئا بعامل ظرف قاهر أو "تغير" حكم. |